سيريانديز- د.مصطفى يوسف كافي
صمت طويل يدور في أروقة التجارة الداخلية وحماية المستهلك، يقابله براكين من الغضب لدى المواطنين القابعين تحت وطأة الحرب وغلاء الأسعار والابتزاز عند الحصول على أبسط متطلبات الصمود من خبز ووقود للتدفئة وللأليات في ظل انعدام الرؤى والأمل لدى الجميع ونتيجة لغياب المصارحة الحقيقية بين الحكومة والشعب تتحول أصغر إشاعة إلى نار تسري في الهشيم محتلة عقول المواطنين وتتحكم بهم كيفما تشاء ليتصدر عناوين الصحف في اليوم التالي وبالمانشيت العريض العناوين البراقة (وزير التجارة الداخلية يبشر باستقرار مطمئن لمادة القمح) و(وزارة حماية المستهلك تحول عقود عمال المخابز من مياومة إلى سنوية )(الغربي للبعث لا أزمة في القمح ومخزون العام القادم مؤمن)
فيظهر وزير التموين عبدالله الغربي بمنظر البطل والمخلص متحدثا إلى المواطنين مطمئنا ونافيا ،فهل يصدق المواطن ذلك وهو غير قادر على تأمين ليتر مازوت واحد لعائلته وهل يصدق المواطن نفي أزمة الخبز وفقدان الطحين والباعة على أبواب بعض الأفران تباع الربطة بين 100و150 وهل يصدق الموظف وراتبه لا يكفي لشراء قطعة ثياب واحدة لنفسه فكيف لعائلته؟ الجواب ربما نطق به وزير التموين ،وربما هو عاجز، نتيجة تراكمات أخطاء سابقة عن الإتيان بحل جذري في ظل هذه الحرب التي تشن على المواطن داخليا من قبل تجار الحروب وخارجيا من قبل الإرهاب العالمي.
أسئلة كثيرة لا أجوبة لها :قرارات بتوزيع أكشاك لبيع مادة الخبز للمواطنين بسعر الدعم في محافظة دمشق و القسم الأكبر منها لم يخرج من رحم كونه قرار فتم إزالة الكثير منها وبقي قسم ولكن بوجود عمال يهربون الخبز ويفتعلون أزمة حقيقية فهل تعجز وزارة التموين عن ضبط بعض الموظفين الفاسدين لديها ،ولماذا تم إزالة تلك الأكشاك ،في المقلب الآخر غياب شبه تام للرقابة التموينية لأن القسم الأكبر من المراقبين يسهل شراؤه من قبل أصحاب الفعاليات التجارية والصناعية والخدمية وكل مايمت للتموين بصلة بل القسم الأكبر من المراقبين بات يفرض أتاوات على التجار والأسعار بقيت محلقة فالمنتفع الوحيد هو المراقب لأن شعاره أنا ومن بعدي الطوفان.
الغربي تحدث ووعد وهنالك قرارات اتخذت كانت جريئة ومنها اقرار الشركة السورية للتجارة فهي فرضت القطاع العام بقوة تذكر التجار المتغطرسين أن الدولة موجودة وستتدخل في تحديد الأسعار ولكن هل ستنجح في عملها ؟ وهل يستطيع الغربي لوحده في ظل غياب فريق نوعي يتكل عليه أن يحقق إنجازات ،وإن كان الغربي صادقا في كل تلك القرارات هل يعجز عن الإتيان بفريق نوعي يلبي تطلعاته إن كان صادقا ويلبي آمال ومقصد هذا الشعب المصابر.
عندما جاء الغربي وصفت أعماله بيوميات مدير عام ووصفه البعض بالوزير الذي لاينام ووزير الشعب واتهمه البعض بالاستعراضي وبأنه بات يمتلك ثروة طائلة نتيجة لفساده كلها تساؤلات وكل الألقاب تختزلها الشعوب بعبارة واحدة عندما يرحل المسؤول والأيام القادمة ستكشف هل الغربي يمتلك ثروة هائلة من محبة الشعب أم ثروة هائلة من جيوب الشعب وهل ينتصر الغربي على الاشاعات أم تنتصر عليه كلها تبقى مجرد تساؤلات برسم الأيام.
** د.مصطفى يوسف كافي- خبير و باحث الاقتصادي