كتب دريد أكرم زينو
بينما تدور رحى المفاوضات في جنيف4 حول "الأزمة" السورية داخل القاعات المغلقة, نجد خلية نحل إعلامية تضم إعلاميين يمثلون مؤسسات إعلامية كثيرة بمختلف توجهاتها وانتماءاتها.
وقد يكون من المميز جداً حضور سيريانديز في جنيف كإحدى أهم المؤسسات الإعلامية السورية الداخلية لتقوم بتغطية ما يدور في كواليس المباحثات ممثلة برئيس تحريرها الأستاذ أيمن القحف.
ومن الطبيعي أن يقوم كافة الإعلاميين بنقل الأحداث والأخبار والتقارير واللقاءات كما هي دون أي تحريف أو تزييف للحقائق وهذا ما تفرضه مهنية الصحفي عليه, لكن أن تلتقي سيريانديز بأحد أوجه المعارضة الخارجية في لقاء خاص فهو أمر يفتح الباب للمتصيدين في الماء العكر للتشكيك في وطنية الموقع وعلى رأسه الأستاذ أيمن القحف, وخصوصاً إن كان هذا الوجه المعارض هو وجه "الفنان" جمال سليمان الذي غير قناعه مع بداية أحداث ما سموه "ثورة" معلنا دعمه للإرهاب المقنع والذي سمي فيما بعد "معارضة معتدلة".
مما لاشك فيه أن السياسة قذرة بمفهومها العام وقد نرى بعض السياسيين يجبرون على تلويث أياديهم وأسمائهم خدمة لسياسة حكوماتهم أو القضايا التي يمثلونها ويدافعون عنها انطلاقاً من مبدأ الغاية تبرر الوسيلة دونما أن تتأثر وطنيتهم أو يتشوه انتمائهم.
على الإعلام أن يكون نظيفاً بعكس السياسة وهذا ما تفرضه المهنة, فواجب الصحفي هو نقل الحدث كما هو إلى المتلقي وتغطية الصورة كاملة ما أمكن.
يقول البعض أننا لسنا مضطرين للجلوس على طاولة واحدة مع من تلوثت يديه بدماء السوريين بشكل مباشر أو غير مباشر, وكمواطن سوري أقول ذات الشيء انطلاقاً من أنني إنسان حر في معتقداتي وطريقة تفكيري, لكن الامر يختلف تماماً حينما أكون مضطراً لمواجه الأمر كصحفي وعلي أن أنسى اسمي كمواطن وأتعامل مع الحدث كمؤسسة إعلامية وهذا ما حدث في جنيف حينما التقى رئيس تحرير سيريانديز أيمن القحف مع جمال سليمان وقام بنقل آراء وأفكار ونظرة جمال سليمان إلى المتابع السوري في الداخل, و أن من يدقق في الحوار سيجد أن القحف فرض مساراً محترماً على سليمان جعله يغير الكثير من خطابه المتغطرس ليتحدث من على الأرض, كما أن طرح قضية عمل الفنان في السياسة كان موفقا من رئيس التحرير, ولمن لم ينتبه فقد ذكره القحف مازحاً بما كتب أحدهم عنه منذ 12 عاماً "جمال سليمان .. نجم بقوة المادة الثامنة من الدستور", في إشارة لامتيازاته التي جعلت منه نجما!! .
وعليه فإنه لا يحق للقارئ الحكم على الصحفي أياً كان لأنه ومن منبره يقدم خدمة وطنية تفرضها عليه أخلاق المهنة, وهناك طرق أكثر حضارية للباحثين عن الشهرة غير مهاجمة الشخصيات الاعلامية المرموقة.
قد يكون الثمن الذي ندفعه في الحرب غالياً جداً لكن الأغلى هو ما ندفعه لتحقيق السلام ونستشهد بالقامة الدبلوماسية السورية ممثلة بالدكتور بشار الجعفري والذي اضطر للجلوس على طاولة واحدة مع الإرهابي "محمد علوش" خدمة للجهود الكبيرة التي تبذلها الحكومة السورية في محاولة حقن الدماء وإنهاء هذه الحرب لإحقاق السلام وإعادة الأمن والأمان إلى ربوع الوطن.
واجبنا كجهات إعلامية وطنية هي مؤازرة سياسة حكومتنا في محاولتها لتقريب وجهات النظر والبحث عن القواسم المشتركة للانطلاق منها نحو سلام يصبوا إليه الشعب السوري المنهك, وليس استغلال هذه الحرب لصناعة أسماء وهمية سيزول وجهها الذهبي عاجلاً أم آجلاً وستعود لترسو في قاع التاريخ كنقطة سوداء في سجل الإعلام السوري.