دمشق- سيريانديز
عدة قرارت اتخذتها وزارة الاقتصاد والتجارة الخارجية وتم التراجع عنها بعد أيام قليلة فقط، لم يكن أولها قرار استيراد البطاطا مقابل الحمضيات فقط، بل تم إلغاء قرار استيراد الموز مقابل الحمضيات أيضاً بعد أقل من أسبوع وسمح باستيراده من دون أي مقابل، لأسباب تم التكتم عليها.
وفي التفاصيل فقد بقي الموز فاكهة للفرجة عند الأغلبية أي على قولة «شم ولا تدوق» ولاسيما بعد أن تجاوز سعره 1200 ليرة، ولكن فجأة صحا المواطنون ليجدوا الأسواق غاصة بكرتونات الموز «المنمنم» ذا الحجم الصغير واللون الأصفر الطازج، يباع بسعر 350 ليرة وأحياناً بسعر 250 ليرة ليصبح فاكهة «فقير الحال» قبل الميسور لكونه يعطي شعوراً بالشبع.
ولدى الاستفسار عن السبب في وزارة الاقتصاد امتنع أي مسؤول عن التصريح للصحافة بحجة وجود تعميم من قبل الوزير يحرم الإدلاء بالرأي للصحافة إلا بعد موافقته الشخصية، لكن مصدراً في الوزارة رفض ذكر اسمه الصريح أكد أن سبب انخفاض سعر الموز هو صدور قرار من قبل وزارة الاقتصاد بتاريخ 2/11/2016/ يتضمن استيراد كيلو موز مقابل تصدير 5 كيلو من الحمضيات بهدف تصريف منتج الحمضيات، ولكن ما حصل يبين أنه لم يتم تصدير أي كيلو من الحمضيات مقابل استيراد الموز، بل فتح استيراد الموز من دون مقابل بعد أقل من أسبوع وحصر إجازات استيراده بلبنان فقط.
ترتيب رباني
ليست المرة الأولى التي يتم فيها استيراد الموز ولكن تزامن استيراده في توقيت موسم الحمضيات نفسه وتخفيض سعره كل عام جعل المزارعين يجزمون بأن هناك حرباً حقيقية تشن ضدهم وأن الهدف الأساس من استيراد الموز ضرب موسم الحمضيات وكساده، يقول المصدر نفسه في وزارة الاقتصاد قد يكون الأمر صحيحاً لكن ليست الغاية ضرب موسم الحمضيات، فلا يغني أحدهم عن الآخر وإنما تزامن المواسم هو السبب وهذا أمر غير مقصود فهو إرادة وترتيب رباني.
وأضاف: مشكلة تصدير الحمضيات شائكة ولم يتم التوصل لحلها إلى اليوم، فالأمر متعلق بالثمرة وثقافة الترويج والتوضيب وهذا مايجعلها غير منافسة للحمضيات المصرية والتركية، وإن سوق التصريف الوحيد لها هو بلد العراق لكن الطريق البري حالياً مقطوع، مشيراً إلى أن مزارع الحمضيات خاسر فثمن مبيعه لايسدد تكلفة إنتاجه، وثمن صناديق تعبئته وأجرة نقله، ناهيك بأن أسعار جميع الخضراوات والفواكه ارتفعت في الأزمة إلا الحمضيات بقيت تباع بالسعر نفسه بسبب زيادة العرض وقلة الطلب.
قرار مفاجئ
بالعودة إلى وقت أسبق فقد انتشرت زراعة الموز في الساحل في فترة التسعينيات من خلال الزراعة المجمعة ضمن البيوت البلاستيكية أو في الحقول المكشوفة لتكون رديفة للبندورة والخضراوات حينها تم استيراد غراس الموز من البلدان المنتجة له ومنح قروض للمزارعين، فأثبتت نجاحها فنياً واقتصادياً، ولكن لم تتوسع هذه الزراعة بسبب استمرار السماح استيراد المادة وعدم قدرة المنتج المحلي على المنافسة وكما يقول مدير الإنتاج النباتي في وزارة الزراعة عبد المعين قضماني: السماح باستيراد الموز من لبنان واليمن والايكوادور، أدى إلى ارتفاع سعرها ليصل إلى 1200 ليرة، مشيراً إلى أن الاستيراد محصور بلبنان هذا العام نظراً لقربه وانخفاض تكاليفه.
رئيس مكتب الشؤون الزراعية في الاتحاد العام للفلاحين محمد حمود الخليف رأى أن هناك أسباباً أخرى لتراجع زراعة الموز في سورية منها ارتفاع أسعار مستلزمات الإنتاج من أسمدة ومحروقات ومبيدات وصعوبة تأمينها في الأوقات المطلوبة، إضافة للتكلفة العالية لإنشاء البيوت البلاستيكية لزراعة الموز ناهيك بأن الموز المستورد منافس قوي للإنتاج المحلي من حيث السعر والمواصفات وغزارة الإنتاج.
في حين تساءل أمين سر جمعية حماية المستهلك جمال السطل، لماذا لا يتم تخفيض استيراد الموز من لبنان لتشجيع المزارع السوري مادامت هناك جدوى من زراعته؟! مشيراً إلى أن أي منتج محلي يجب زراعته ومنع استيراده.
ولا احتكار
انخفاض سعر الموز لاقى استحساناً كبيراً من قبل الناس ولاسيما محدودي الدخل منهم، يقول هيثم اسماعيل أحد مستوردي الموز تم شكرنا من قبل الكثيرين وبعضهم من ناشدنا بأن نستمر في استيراد الموز لأنه لم يعد يأكل غيره.
بينما نفى المصدر في وزارة التجارة الخارجية وجود احتكار في إجازات الاستيراد، فأي شخص يمكنه الحصول على إجازات إذا كانت لديه مواصفات مطابقة للشروط، موضحاً أن هناك تخصصية في التجار فبعضهم مختص باستيراد الموز وآخر بالسكر وهكذا…
وعن كيفية الاستيراد يقول هيثم: عملية الاستيراد كلها نظامية، حيث نقوم بفتح إجازة استيراد كل 15 يوماً تقريباً نستورد خلالها 500 طن وفوراً نفاد الكمية يتم إغلاق الإجازة السابقة وفتح إجازة أخرى بكمية أخرى.
إحصاءات غائبة
بلغ عدد الأشجار المزروعة من الموز400 شجرة عام 2014 ، المثمر منها 300، إجمالي الإنتاج 152 طناً وفي عام 2015 بلغ عدد الأشجار 400 المثمر منها 300 بينما وصل الإنتاج الإجمالي إلى 131 طناً ولا توجد إحصائية لعام 2016.
ولأجل معرفة مقدار الاستهلاك المحلي اتصلنا بمدير الأسعار في وزارة التجارة الداخلية نضال مقصود الذي أكد عدم وجود إحصائية بمقدار الاستهلاك المحلي والسبب في رأيه أن فاكهة الموز ثانوية ولم يتم القيام بدراسة وقراءة كاملة لإحصاء مقدار استهلاكها ولا ندري إن كان هذا العذر كافياً للإقناع!.
وفيما إذا زادت كمية استيراد الموز عن العام الماضي، كما هو ملاحظ لم يستطع المستوردون، كما وزارة التجارة الخارجية، التوصل إلى إحصائية تقدر كمية الاستيراد العام الحالي وفيما إذا زادت الكمية عن العام الماضي فإحصاء كمية الاستيراد تكون بعد انتهاء موسم الموز والموسم لم ينته بعد، لكن المستورد هيثم توقع أن سبب غزو الموز للأسواق هذا العام هو تركز كميات الموز المستوردة في محافظة دمشق، مشيراً إلى أن عدد المستوردين قل هذا العام بعد ظهور شروط جديدة من قبل التأمينات الاجتماعية والمتضمنة أن يكون لدى صاحب الإجازة عمال مسجلون في التأمينات الاجتماعية.
تلكؤ واستهتار
تم التواصل مع المكتب الصحفي في وزارة الاقتصاد من أجل الحصول على إجابة عن بعض الاستفسارات، وذلك بعد رفض الإجابة من قبل المسؤولين في الوزارة بحجة الحصول على موافقة الوزير، فكان التلكؤ واضحاً والاعتذار دوماً بأنه لم يتم الحصول على موافقة الوزير، والسؤال فلماذا كل هذا التأخير والاستهتار بالإجابة وعدم التعاون لنقل الحقيقة وما الداعي لوجود مثل تلك العراقيل ؟