سيريانديز - يسرى جنيدي
(مناة الخيّر) شاعرة تبدع في كل مرة تكتب فيها ، فتخط لنا مشاعرها وأحاسيسها في قصائد، أجادت انتقاء مفرداتها، فغدت أشعارها كائنات أدبية تجول في روحنا وعقلنا ، والشعر ليس غريبا عن مناة الخير طالما أنها من عائلة مرموقة جمعت الأدب والشعر والعلم ، فغدت واحدةً من منارات الشعر في سوريا إنها الشاعرة والأديبة مناة الخير، التي كان لسيريانديز معها هذا اللقاء .
ـ نشأتِ في بيئة أدبية فأنت ابنة الشاعر عز الدين الخير، هل كان ذلك حافزا لك لنظم الشعر؟
عندما تعيشين في بيئة مشبعة بالشعر، بالكتب، بالقراءة، بالمباريات الشعرية يصبح الأدب جزء لا يتجزأ من نسيج الشخصية، قد ساهم هذا المناخ في تنمية البذرة الموجودة لدي في الأصل. هذه البيئة أعطتني حافزا كبيرا، وفي الوقت نفسه وضعت غلى عاتقي مسؤولية لأقدِّم أدباً وشعراً مختلفاً ومهماً.
ـ تنقلتِ بين الكثير من الوظائف، مدرسة لغة عربية، مديرة المسرح القومي، عضو مكتب تنفيذي ( آثار وثقافة)، والآن تشغلين منصب أمين سر اتحاد الكتاب العرب في اللاذقية، أي من هذه الوظائف هي الأحب إليك؟
الآن وقد مررت بكل هذه المراحل العمرية أعتقد أن أمتع مهنة مارستها هي التدريس، مادة اللغة العربية مادة طرية تصنع جسراً بين المدرس والطلبة، هناك مساحة كبيرة للعواطف في مهنة التدريس . بالنسبة للمسرح أحببته بشكل مفاجئ، قبل أن أكون مديرة للمسرح القومي كنت متابعة جيدة للمسرحيات لكن الدخول إلى الكواليس والتعرف على المواد الخام التي تصنع منها المسرحية أمر ممتع وجميل. المكتب التنفيذي أتاح لي فرصة التعرف على مواقع وأماكن لم تتثنى لي فرصة التعرف عليها من قبل. حاليا في اتحاد الكتاب هناك مساحة تشبه المسرح، تعرف فيها على جوانب أخرى من شخصية الشاعر والأديب لم تكن تظهر في نصوصه، أدهشتني بعض الشخصيات بكبرها والعكس صحيح. لكل عمل جماليته، بالنسبة لي يجب أن يكون هناك هامش عاطفي بيني وبين أي عمل كي أقوم به على أتم وجه.
ـ ما سبب زيادة الدخلاء على الأدب؟ هل هناك فكرة لوضع معايير ذات مواصفات معينة للسماح بنشر الكتب والدواوين؟
للأسف الشديد هناك تدن كبير بمستوى الأدب، تحت بوابة الحداثة الواسعة جداً أدخلت الكثير مما لا يمت للأدب بصلة. أعتقد أن سهولة الطباعة والنشر وانتشار وسائل التواصل الاجتماعي ساهم بشكل كبير بوجود هؤلاء الدخلاء. اعتقد أن هذه المشكلة كانت موجودة في مختلف العصور، يقال في زمن المتنبي كان هناك حوالي 70 شاعراً في بلاط سيف الدولة الحمداني ثلاثة منهم فقط بقيت أشعارهم حتى يومنا هذا، لذلك الزمن كفيل بغربلة الدخلاء .
ـ ما مدى أهمية الكلمة عند الشاعرة مناة الخير؟
في البدء كانت الكلمة، الكلمة هي التي أوجدت الكون لكل كلمة روح ولكل حرف روح، لا تزال الكلمة تسحرني هي كالزهرة كلما تفتحت زهرة سحرت بها وكلما قرأت أو كتبت كلمة أسحر بها. أشبه الكلمة بمولود ليس وليد اللحظة التي نضعه فيها بل هي عصارة لما تجمع وتخمر واكتنز به العقل حتى أصبح بين يدي القارئ. هل الشعر عند مناة الخير بقرار أم إنه إلهام؟ بالتأكيد ليس بقرار بل هو وليد اللحظة، أجمل القصائد تلك التي تخرج منا باندفاع داخلي وتنبثق كالينابيع. كتبت الشعر العامودي والشعر الحر، هل هناك أفضلية لأحدهما عندك؟ القضية ليست في الشكل بل في الروح والرؤى التي ينظر بها الشاعر إلى اللغة من جهة وإلى طريقته في ابتكار لغة جديدة غير تقليدية، فأنا حتى في الشعر العمودي أحاول أن أستخدم مفردات تمتلك الحداثة، يخلق النص ويختار طريقة تشكيله بنفسه.
ـ هناك اتجاه نحو الأدب الصوفي عند الشباب نحو الأدب الصوفي، ما السبب في ذلك؟
أعتقد أن هذه الصوفية رد على اتجاهين: رد على الواقع السيء الذي عانى منه شبابنا من جهةٍ، ورد على التطرف الدِّينيِّ من جهة أخرى، فالتصوف هو انعتاق من االواقع نحو عوالم سريالية وجودية في مجموعتي الشعرية( يراودني الانعتاق ) كتبت أريد سماء لا تحمل السيف ...إنما سماء مزينة بالنجوم والأزهار والرياحين، أعتقد أننا حاليا بأمس الحاجة إلى هذه الرؤيا ، هي لا تكفي لكنها وسيلة تأمل تساعد الروح بالتخلص من كل ما يثقلها.
ـ لديك أربع مجموعات شعرية نالت جوائز عديدة حدثينا عنها؟
مجموعتي الأولى (في سراب الجهات ) فيها العديد من قصائد المناسبات منها (رثاء لهاني الراهب)(اليوبيل الذهبي لجول جمال) المجموعة الثانية ( يراودني الانعتاق ) فيها الكثير من الوجدانيات، تحدثت فيها عن صراع المشاعر الذي يعيشه الشاعر هذا الصراع يشبه إلى حد كبير شجرة موضوعة في أصيص تحتاج إلى مساحة وحيز أكبر، لكنها رغم هذه المساحة الضيقة تزهر . المجموعة الثالثة ( كاف الكمون ) أجد في الكاف كموناً تمتلكه الأنثى فهي تشبهها . المجموعة الرابعة ( كأني موجة خرجت تفتش عن دفاترها )هي مجموعة ذاتية كتبتها في الفترة التي توفي فيها والدي كتبت فيها قصيدتي رثاء لأبي .
ـ ما جديد الأديبة والشاعرة مناة الخير؟
هناك ديوانين من الشعر جاهزين للنشر، سيكونان قريبا بين أيدي القراء.