على وقع أزمة انقطاع الغاز والمازوت، وزيادة عدد ساعات تقنين الكهرباء لم يكن ينقص أهالي محافظة اللاذقية سوى ارتفاع الأسعار دون أي رادع تمويني.ووقوع أهالي اللاذقية فريسة استغلال التجار للقمة العيش المتمثلة بالخضار فضلاً عن تسليمهم بأن الفواكة من “الكماليات” ولمن استطاع إليها سبيلاً. ناهيك عن الارتفاع الجنوني في أسعار الألبسة والأحذية دون ضوابط تلجم طمع بعض التجار.
وبحسب أحد المشتكين، فإن “المفارقة أنه بين حي وآخر تتفاوت أسعار الخضار والفواكة ما بين 50- 100 ليرة، فيما يتجاوز الفارق في أسعار الألبسة آلاف الليرات”.وأضاف المشتكي “إذا سلمنا أنه من الطبيعي أن تتفاوت الأسعار بحسب الأحياء وتصنيفها بحسب النجوم، فإنه من غير المنطقي أن تتفاوت الأسعار بين محل و محل آخر لا يبعدان عن بعضهما سوى بضعة أمتار”.وأكمل المشتكي أن “أصحاب المحال يبيعون الخضار والفواكه دون إعلان عن الأسعار، التي تتذبذب بين ساعة وأخرى بحسب “هجمة” الزبائن على السوق، والتي غالبا ما تكون في فترة الظهيرة، ثم تبدأ الأسعار بالتراجع تدريجياً بعد الظهر”.
في جولة على الأسواق، أكثر ما يلفت الأنظار هو عدم الإعلان عن الأسعار والفروقات الكبيرة في الأسعار للسلع والمواد ذات المنشاً والمواصفات الواحدة
وقال شادي عبد الله، موظف ورب لعائلة مؤلفة من ثلاثة أشخاص، لتلفزيون الخبر “كل يوم أسعار الخضار “شكل”، وكل بائع يبيع “على كيفو”، مضيفا أنه “اشترى في اليوم السابق كيلو البطاطا بـ 350 ليرة بينما اشترى كيلو البطاطا في اليوم التالي بـ 400 ليرة”، متسائلا “ما الذي تغير بين يومين حتى تزيد الأسعار 50 ليرة؟”.
بدورها، قالت رجاء علي، ربة منزل، لتلفزيون الخبر: “من المستحيل أن يتفق باعة الخضار والفواكه على سعر واحد أو أن يثبتوا على الأسعار لعدة أيام على الأقل”.
وأضافت السيدة رجاء “حزمة البقدونس بـ 150 ليرة والكزبرة بـ 200 ليرة، والمصيبة الكبرى بسعر البندورة الذي وصل إلى 450”.
وتابعت علي أن “الارتفاع الجنوني الذي تشهده أسعار الخضار والفواكه يوم الخميس حيث تتضاعف الأسعار”، مردفة “هل من المعقول أن يباع كيلو الموز بـ 650 ليرة والكستنا بـ 2000”.
من جانبها، أم أنور لم تجد حرجاً في الإفصاح أنها تتنقل بين عدة محال للاستعلام عن الأسعار، لتحط رحالها أخيرا في المحل الذي يقدم لها عروض الأسعار الأقل، قائلة “لست أنا الوحيدة التي أتنقل بين عدة محال للشراء من المحل الأرخص، فهناك الكثير يفعلون مثلي”.
وأضافت أم أنور “ليس عيباً أن أوفر المال مهما كان هذا التوفير زهيداً، فأولادي أحق بكل ليرة من التاجر الذي يحاربنا بلقمة عيشنا”.
وما ينطبق على أسعار الخضار والفواكه ينطبق على أسعار جميع المواد الغذائية، وحتى على الألبسة، التي تتفاوت بحسب طبيعة المنطقة التي تباع فيها.
وقالت رشا، طالبة جامعية، أنها “اشترت من شارع الأميركان بلوزة بسعر 8500 ليرة، وبعد يومين شاهدت نفس البلوزة بنفس المواصفات تباع بـ 4000 في سوق العنابة، أو كما يطلق عليه اسم سوق الدراويش”.
من جهته، أكد مدير التجارة الداخلية وحماية المستهلك في اللاذقية، المهندس أحمد نجم، لتلفزيون الخبر أنه “منعت الأحوال الجوية وهطول الأمطار لعدة أيام متواصلة المزارعين من قطف مزروعاتهم الأرضية، ما أدى إلى قلة الكمية في سوق الهال، مقابل ارتفاع الطلب ما أدى بدوره إلى ارتفاع الأسعار”.
وأشار نجم إلى أن “أجور نقل البضاعة من سوق الهال إلى المحال تؤثر على الأسعار التي تتفاوت بين محل وآخر”.
وأضاف نجم “ويوجد في المحافظة أكثر من سوق هال، ومن البديهي أنْ يتسوّق كل صاحب محل خضرته من السوق الذي يناسبه، وبحسب المسافة التي يبعد فيها السوق عن محل البائع، تضاف أجرة النقل إلى أسعار الخضار والفواكه التي تُباع في المحالّ”.
وأوضح نجم أن “الأسعار تختلف أيضاً داخل سوق الهال الواحد، فالعرض والطلب على المادة وتوفرّها في السوق يلعب دوراً كبيراً في تحديد سعرها”، لافتاً إلى أن “تصنيف الخضار والفواكة نخب أول وثاني وثالث يساهم ايضا في تحديد سعر كل نخب”.
ويبقى لسان حال أهل اللاذقية أن الفروقات الكبيرة في الأسعار التي تشهدها محافظة اللاذقية لا تدخل ضمن آلية المنافسة الحرة في السوق، وإنما هي استغلال ومغالاة غير مبررة، يلجا إليها بعض التجار لزيادة هامش الربح.
فيما يحصّن التجار أنفسهم، بمواجهة التهكم الشعبي، بشماعة تذبذب سعر صرف الدولار أمام الليرة السورية، والفروق الضريبية.