مجدولين صبح
يعمل قطاع الدواجن في الفترة الأخيرة بربع طاقاته أو أدنى من ذلك، رغم الأهمية الإنتاجية الكبرى له في الاقتصاد السوري، وترسيخ حالة الأمن الغذائي خلال الأزمة.
ورغم الصعوبات الكبيرة التي تعرّض لها إلا أنه استمر بالعمل، ولكن يبدو أن استمراريته في خطر، إذ أن محاولاته للتعافي لم تحقق النتائج المرجوة، وتوشك المعوقات على شلّ حركة المربين بالكامل وهذا ما يُخشى حدوثه.
هذه الهواجس كشفها لـ "بورصات وأسواق" عضو لجنة اتحاد مربي الدواجن غازي جاموس، وعدد من المربين لدى وقوفنا على مشكلات هذا القطاع.
مشكلةُ الأعلافِ
تبدو مشكلة الأعلاف من أكثر المشكلات التي تعيق عمل قطاع الدواجن – حسب جاموس – موضحاً أنه لا يمكن استبدالها بموادٍ محليّةٍ، فالذرة في سورية نسبتها قليلة، ولا يوجد لها مجففات، بالتالي تصبح غير صالحة للتخزين والاستعمال كأعلاف إن لم تجفف بالطرق المثالية، أما عن البدائل فأشار على وجود ريشٍ وطحين لحمٍ، إلا أن الخلطةُ الأساسية نباتيةٌ بحتة لا يدخل بها طحين اللحم أو طحين الريش الذين استحدثا حالياً وبات لهما سوق نظراً لغلاء الأعلاف، كما أنهما مواد غير مهضومة وتسبب أمراضاً ومشكلات، ولا شيء يمكنه تعويض الصويا بالنسبة للأعلاف، إلا أنَّ المربين لجؤوا إليها مرغمين لأنه لا خيار آخر أمامهم.
مربيّن سيعلنون الإفلاس
المربون الذين التقيناهم يأملون حدوث تغييرٍ ما ليعوضوا الخسائر الفادحة التي تكبدوها، وقالوا بأن من هاجر منهم خارج الوطن، كان بدافع الحفاظ على ما بقي من رأسماله، أما هم فلم يعودا يحتملوا التحمل لأكثر من شهرين آخرين إن بقي الحال على ما هو عليه، مشيرين إلى أنَّ جميعُ المداجن قد تغلق لأن الجميع سيعلن إفلاسه!!.
وبيّنوا في شكواهم "عندما كان سعر الصرف مستقراً وكان تجار الأعلاف يحصلون على دعمٍ من الدولة فإن وضعنا كان أفضل من الآن، حيث كان التاجر يدعم المربي بما قيمته بين 15 إلى 20 مليون ليرة سورية أو أكثر، أما الآن فلم يعد بوسعه ذلك، لأننا واقعون تحت الخسائر، ولا يمكننا سداد قيمة الأعلاف".
وأوضحوا أن الخسائر تتزايد وتتراكم لديهم بسبب عدم تناسب سعر البيض والفروج مع سعر العلف، ما أدى إلى ارتفاع أسعارهما، وإلى تراجع القدرة الشرائية لدرجة الانعدام!.
إجراءاتٌ حكوميةٌ غيرُ فاعلة ولا بدائل!!
بالنسبة للخطط التي قدمتها الحكومة لدعم الإنتاج الزراعي والصناعي في البلاد. قالت مؤسسة الأعلاف أنها ستقوم بتسليم مادتي الشعير والنخالة للمربين بنسبة ربع كيلو شعير وربع كيلو نخالة للطير في كل دورة، لكنّ هذا الأمر بحقيقته لا يخفف الضغط على المربين إلا بنسبة نصف بالمئة أو 1% ، وبالتالي -يقول المربون- لم نحصل على إيّ دعمٍ!!.
ويقول أحدهم : التموين –وكالعادة- يحارب لا يعالج، فإذا قلّت أي مادة في السوق فمن الطبيعي أن يرتفع سعرها، ونحن معهم أن عليهم محاربة محتكري هذه المادة الذين يشكلون الأساس في رفع سعرها، أما بالنسبة للبيض والفروج فهي مادةً طازجةً لا تحتمل التخزين بالمطلق، ولكن عند ارتفاع سعرِ صندوق البيض يهرع التموين لمنع هذا الارتفاع، رغم أنه لا يمكن تخزينها لفتراتٍ طويلةٍ واحتكارها، ولا يمكن الاستمرار ببيعها بالسعر السابق لأننا نتكبد خسائرٌ كبيرة في الإنتاج نتيجة العوامل السابقة التي ذكرناها، مما يعني زيادة خسارة المنتج، فنتوقف عن الإنتاج، في حين لا يقدم التموين بديلاً عنه فتُفقد المادة من السوق!!.
مقارنةً للأسعارِ
وفي مقارنةٍ رقميةٍ للأسعار منذ بداية الأزمة وحتى الآن وحسب إحصائيةٍ أفادنا بها أحد المربين، أشارت إلى أن سعر كيلو الذرة في آذار عام 2011 كان 13 ليرة سورية، أما حالياً بلغ سعرها 270 بزيادة قدرها 1560 % ، وكسبة الصويا في آذار 2011 كانت 23 ليرة سورية ونصف أما حالياً سعرها 650 بزيادة قدرها 2470 %، بينما سعر طبق البيض في آذار 2012 كان 103 ليرات حالياً 1700 أي بنسبة 1240 % عدا الأدوية البيطرية واللقاحات ومستلزمات الإنتاج من تدفئة وغيرها تضاعفت أسعارها ما بين 800 % الى 1500 % ، بينما البيض ارتفع فقط 1200 % بما لا يتناسب مع زيادات تكاليف الإنتاج ما أدى إلى خسارة المنتجين.
دعمٌ حكوميٌّ.. ولا دعمٌ للخاص !!
كون المادة غير تخزينية كما ذكرنا فالمنتج مضطر للبيع بأي سعر منعاً للتلف، ولا يوجد برادات لدى المنتجين، ولم تسمح لهم الحكومة باستخدام برادات الدولة لأنها تقدم الدعم لمنشآتها، فمؤسسة الدواجن تمد منشآتها بقيمة مليار أو مليارين تقريباً وهنا يقدم مربوا القطاع الخاص اعتراضهم لدعم الحكومة منشآت الدولة وتجاهل الخسارة التي تقع عليهم ، علماً أن إنتاج منشآت الدولة 10% بينما ينتج القطاع الخاص بين 85 إلى 90 %.
يقول المربون: إن الحكومة لا تدعمهم مطلقاً، إضافةً إلى أنهم طالبوها بإعفائهم من الضرائب والرسوم ولم يستجاب لهم، وبإصدار إلى أن قرار إيداع نسبة 40 % من تمويل الأعلاف في البنك، والتي لا نستردها إلا بعد شهرين كحدٍ أدنى، تشكل أرقاماً هائلة قد تصل إلى 10 مليار ليرة.
قروضٌ بعيدةٌ عن الواقع!
ومن وجهة نظر جاموس أن القروض التي يقدمونها لهم من المصارف الزراعية لا تتجاوز 800 إلى 900 ألف ليرة سورية، هذا المبلغ كان يفي بالغرض سابقاً عندما كان سعر طبق البيض 10 ليرات!! وأكد أنهم تحدثوا عن كافة هذه الأمور عدة مرات لدى الحكومة، لكن الأمر المؤسف أن من يختارونه لكي يمثلنا لدى الحكومة لا علاقةَ له بالدواجن ولا يفقه شيئاً عنها، لذا فهو لا يستطيع إيصال وجعنا لهم، فهو ليس مربي دواجن، وبالتالي لا يتكبد الخسائر مثلنا... فلماذا لا يكون هذا الممثل عن مربي الدواجن واحداً منا؟!.. خبير بمجالنا ويحمل أوجاعنا جميعاً؟!!.
وأضاف: في آخرِ مقابلةٍ لنا مع وزير الزراعة المهندس أحمد القادري -والذي يتعاون معنا دائماً- كان قد قدم لنا جميع الحلول ورفعها لرئاسة الحكومة حتى قبل أن نطالب بها، فالحكومة لا تقدم مناقصات للأعلاف، وفي النهاية نصبح عاجزين عن حل المشكلة التي كان بوسعنا منعها مسبقاً.
نحن كمربين منذ عام 1975 تصيبنا أزمات بين فترة وأخرى، ثم نتداركها، ولكن هذه الأزمة هي أقسى أزمة، ومن شأنها أن توقف عملنا بشكل كامل في حال استمرارها، فهل من مجيب؟!!.