سيريانديز – مجد عبيسي
عاهدت نفسي أمس قبل الإفطار أن أمسك نفسي عن الانتقاد، لأني لا أجد له فائدة ملموسة على الأرض، وعزمت اعتماد الدعاء، عله يأتي بالفرج علينا من السماء. ولكن ارتعدت أعصابي اليوم مجدداً وأنا أقرأ ما أصدرته مديرية التجارة الداخلية وحماية المستهلك..
نشرة أسعار جديدة للفروج والبيض والشاورما والخضار والفواكه ليوم الأربعاء في دمشق 2020/4/29..
حاولت اصطناع الهدوء والتؤدة وأنا أقرأ الفارق السعري بينها وبين أسعار السوق الفعلية، وقلت في نفسي: كل ما سبق اعتدنا عليه، فأنا أقرؤه في كل نشرة، ولكن أصابتني /لقوة/ جعلتني أنقض عهد أمس، حين قرأت في ذيل النشرة:
للشكاوى يرجى الاتصال على الارقام 119- 9486 للهاتف الارضي او الجوال 0943099175 او واتس اب 0943099110!!!!
وجدت نفسي باللاشعور، أفتح الحاسب، وأطقطق أصابعي، استعداداً للانبحات" !!!
يا أهل الأرض، إن تجاوزنا اللحوم والبيض، وأخذنا بعض الخضار -التي تعد أكل الفقير- نجد أن البندورة بين 450- 650 في النشرة السعرية، بينما على الأرض سعرها بين 800-1000 ليرة سورية للكيلو الواحد.
البطاطا وفق النشرة 350-500، بينما في السوق بين 500-650، بمعنى أن كل أسعار المواد تفرق عن النشرة 200 ليرة على الأقل.
يا جماعة، نحن في كوكب الأرض، في أسواقنا كلها، بإمكانكم أن تروا الأسعار المخالفة لنشرتكم معلنة في كل المحلات والبسطات أمام القاصي والداني، بمعنى أنكم لستم بحاجة لشكوى لترصدوا الواقع "إن قصدتم أن تعالجوه".
كما أن فكرة شماعة الشكوى لم تعد مجدية. ولباقة موظف الشكاوى وكلمة "تكرم أستاذ" لم تعد ذات فائدة، خصوصاً بعد أن جربتها شخصياً حينما أوصلت شكوى أحد المواطنين منذ مدة!
يومها، وبعد أن سجلت الشكوى، مضى يومان ولم تعالج !!، فعاودت الاتصال برقم الشكاوى، وأخبرتهم أنني صحافي، فأعطاني الموظف اللبق رقم مدير الدورية لأتأكد منه لماذا لم يعالج الشكوى، فأخبرني الاخير أنه لدى وصوله للمنطقة المقصودة، أغلقت كل المحال!!.. وانا هنا صدقت.
ولكنه أكمل أنه يريد رقم المشتكي ليتأكد من العناوين.. فأعطيته، وعندما تواصلت مع المواطن قال لي بأنه اتصل به، وأراد منه أن يكتب له شكوى خطية باسمه وتوقيعه بأسماء المحلات المخالفة !!!
يا أهل الأرض، طلب رئيس الدورية من المواطن أن يحرر إقرار خطي بأسماء المخالفين ويوقع عليه.. (ليتجرأ) رئيس الدورية ويخالفهم !!!
لا أعلم إن كانت هذه هي الأساليب المتبعة ناجعة في كوكب التجارة الداخلية وحماية المستهلك، ولكن في كوكبنا لا تنجح معالجة الأمور بهذه الطريقة، ولا قيمة لنشراتهم أو لأرقام شكاواهم، وقد خبرناها ورأينا أثرها في الأسواق.
سامحوني، وأتمنى أن يبقى لساني في مكانه، فقد اعترتني أمس حالة ديجافو مزعجة وانا أتمشى في السوق.