بقلم المهندس غياث الحبال - مصنع ووكيل سيارات وتصنيعها
تعتبر صناعة السيارات من الصناعات الاستراتيجية لكل دولة ترغب في أن تدخل مجال الصناعات الثقيلة وتبني بنية تحتية لتطوير الصناعات المتوسطة والصغيرة كي تكون نواة الصناعة لمجالات متعددة غير صناعة السيارات.
مــراحــل هــذه الــصــنــاعــة:
(1) مرحلة أولى: مرحلة التجميع (صالة واحدة)، ويتم العمل بها حتى يصل حجم السوق إلى /200,000/سيارة سنويا".
(2) مرحلة ثانية: انتقال المعمل إلى المرحلة الثانية (اللحام ومعالجة المعادن والدهان- التجميع) (ثلاث صالات) نظرا" لأن الاستثمار المطلوب للانتقال إلى هذه المرحلة يتراوح مابين /30 إلى 60/مليون دولار أمريكي لكل منشأة، وهذه المرحلة تنقل حجم السوق من /200,000/سيارة سنويا" إلى /400,000/سيارة سنويا". الجدير بالذكر أنه من الطبيعي الوصول إلى هذا الرقم في سوق متعافي بالمقارنة مع حجم سكان سوريا، إذ أن عمر السيارة الافتراضي هو (20) عاما" في السوق وفي حال تجاوز (20) عاما" فسوف يُشكّل عائقا" على الاقتصاد.
(3) مرحلة ثالثة: وهي بناء صناعات متوسطة وصغيرة تعتمد على طلبات القطع لشركات السيارات التي يتم تثبيتها بموجب عقود توريد سنوية، على سبيل المثال لا الحصر (كوليه) يبني مصنعا" لتصنيع الكوليه ويستجرّ طلبات من شركات السيارات كحد أدنى /1,500,000/قطعة سنويا" ومن ثم يصبح هذا المعمل قادرا" على التصدير باستجرار طلبيات من الشركات العالمية لأن لديه الأساس (Base) ليُصنّع أي نوع من أنواع الكوليات والتي تقاس وفق تصميم شركات السيارات العالمية أو يستطيع تصنيع قطع تبديل لأنواع سيارات عالمية كصنف ثاني للقطعة الأصلية، ويسري ذلك على جميع قطع السيارات التي تقدر بحوالي /4,000/قطعة من أي موديل سيارة تٌصنّع أو تٌجمّع، وهنا يصبح لسوريا ثورة صناعية ونقلة نوعية في الصناعات لأن من يصنع قطعة بلاستيكية أو أي قطعة للسيارة بإمكانه أن يصنع أي قطعة لمنتج آخر يتم تطويره في السوق.
(4) مرحلة رابعة: تتطور المرحلة الثالثة بشكل تدريجي وذلك بنسبة (10%) كل سنتين كي تتمكن المعامل الصغيرة والمتوسطة من تغطية /40%/ من إجمالي قطع السيارات محليا"، وهذا من شأنه جذب اهتمام الشركات العالمية لتوطين صناعة القطع في سوريا للتصدير ولصناعة السيارات وتصديرها للمنطقة وخاصة إلى الدول المجاورة.
تتطلب المراحل الأربع آنفة الذكر دعما" ورعاية من الحكومة، كما تستوجب دراسة استراتيجية وقوانين تحفيزية للنهوض بها، ومن الممكن فتح الاستيراد عند الدخول في المرحلة الثالثة فالاستيراد والتصنيع المحلي يجب أن يكونا مترافقين سوية نظرا" لأن السوق بحاجة إلى أنواع سيارات لا تٌصنّع في سوريا، ولكي تأخذ الدولة رسوما" جمركية مرتفعة على الاستيراد وهذا حافز آخر لتوطين الصناعة من الشركات الأخرى نظرا" لأن المعامل الصغيرة والمتوسطة تبدأ بصناعة القطع لتغطية حاجة معامل السيارات ومن أجل تصديرها إلى الشركات العالمية ،ومن ثم تقوم هذه الشركات العالمية بتوطين إنتاج سياراتها ، إذ تتوفر نسبة /40%/ من المكونات بالاضافة إلى توفر العمالة والخبرة وذلك بالتوازن مع وجود قانون محفّز للتصدير يمكن أن تستفاد منه شركات السيارات العالمية ، وبنفس الطريقة قد ترغب أنواع أخرى من الصناعات والمنتجات العالمية بتوطين صناعتها في سوريا.
1
واقـع صناعة السيارات في ســوريـا الـيـوم:
بعد الانتصار الكبير الذي حققه الجيش العربي السوري انتقلت الحرب على سوريا إلى حرب اقتصادية، وهنا يتوجب على الحكومة بالتعاون مع التجار والصناعيين تشكيل جيش اقتصادي للعمل معا" على حماية سوريا اقتصاديا".
ويتوجب على المعامل من أجل الانتقال من المرحلة الأولى (صالة واحدة) إلى المرحلة الثانية (اللحام ومعالجة المعادن والدهان- التجميع) (ثلاث صالات) استثمار حوالي /450/مليون دولار أمريكي كحد أدنى نظرا" لأن تكلفة مرحلة الانتقال لكل معمل تتراوح ما بين /30 مليون إلى 60 مليون دولار أمريكي، بالرغم من أن حجم السوق من جراء الحرب بحدّه الأعلى الآن بحدود 20 ألف سيارة سنويا" وهو لم يتعاف تماما".
من الواجب على الحكومة إعطاء الحوافز كي يتعافى السوق وعلى سبيل المثال وليس الحصر السماح للمصارف بتقسيط السيارات للمواطن كما يجب عليها التريث في فرض هذا الاستثمار على المعامل في الوقت الحاضر لأن عوامل عائد الاستثمار غير متوفرة وقد يصبح فرض أو توسيع الاستثمار في المرحلة الحالية عبأ على الاقتصاد السوري وعلى الليرة السورية أيضا" وخصوصا" في ظل الظروف الحالية لأنه غير مجدي وحجم الاستثمار كبير بالمقارنة مع عائد رأس المال وحجم السوق ، آخذين بعين الاعتبار أن سوريا تنهض من حرب طويلة دامت /9/سنوات ، فيجب أن تكون مراحل الانتقال مرتبطة بحجم السوق ومتناسبة معه.
لذلك من الأجدى عدم ربط منح إجازات الاستيراد بوضع استراتيجية لتطوير هذه الصناعة نظرا" لأن المعامل قد تضررت بشكل كبير وخاصة أنها استمرت في العمل وتم شراء القطع ودفع ثمنها وهي مخزّنة ولكن لايمكن شحنها، لذلك يجب الانتظار إلى أن يتعافى السوق والاستمرار بالمرحلة الأولى وبمنح الاجازات إلى أن يعود حجم السوق كحد أدنى وقت الاستيراد إلى /100/ألف سيارة سنويا" ومن ثم يتم اتخاذ القرار الاستراتيجي بالانتقال من المرحلة الأولى (الصالة الواحدة) إلى المرحلة الثانية (ثلاث صالات)... والمراحل الأخرى تباعا"، وتوظيف هذ الاستثمارات الضخمة في الوقت الحالي في مجالات أخرى بغية دعم الحركة الاقتصادية ودعم الليرة السورية.