يبدو أن قرار الاستبعاد من الدعم لشريحة من المواطنين والذي قامت به الحكومة مؤخراً ضمن مشروعها في إعادة هيكلة الدعم أرخى بظلاله على أسعار الاتجار بالمواد التموينية، ليرتفع سعر ربطة الخبز من 1500 إلى 2000 ليرة في الشوارع وأمام المخابز، ناهيك عن استغلال البعض من ضعاف النفوس للقرار واستمرار بيع المواد بالسعرين المدعوم والتكلفة في منفذ البيع ذاته لتحقيق أرباح إضافية، حيث علمت «الوطن» بقيام بعض المعتمدين بإيهام المستبعد من الدعم بقطع بطاقته على حين أنه يقوم ببيعه مخصصات بطاقات مدعومة يحصل عليها بطرقه الخاصة، محققاً بذلك مربحاً بقيمة 1100 ليرة إضافية.
وأظهرت الأرقام التي حصلت عليها أن أجمالي الربطات المبيعة عبر كامل منافذ البيع للمخابز العامة والمعتمدين في محافظة دمشق خلال يوم الأربعاء والذي يعتبر من أكثر الأيام توزيعاً للمادة لم يتجاوز الـ700 ربطة فقط بسعر غير مدعوم.
وزير التجارة الداخلية وحماية المستهلك عمر سالم لم يستبعد إمكانية حصول مثل هذه المخالفات، شاكراً لـ«الوطن» تنبيهها لهذا الأمر، مؤكداً العمل على الآلية اللازمة للحد من هذا الموضوع، ومن ضمن الحلول اقتراحها بفصل منافذ البيع للمواد التي تباع بالسعر المدعوم عن منافذ البيع بسعر التكلفة.
سالم كشف لـ«الوطن» أن الوزارة باتت جاهزة للبدء بعملية توطين الخبز في محافظة دمشق، وأضاف: سيتم البدء بالعملية بهدوء بحيث لا يكون هناك أي ضغط على المواطنين، ويكون متاحاً لمن يرغب بالحصول على مخصصاته من منفذ معين التوطين، وأن يبقى متاحاً لمن لا يرغب في التوطين حالياً بالحصول على مخصصاته من أي منفذ يريد.
ولفت سالم إلى أنه عند تطبيق التوطين في المحافظات قوبل باعتراضات من المواطنين لأنه تم تحديد فترة محددة للتطبيق ما أربك الكثيرين لعدم اعتيادهم الموضوع.
وبيّن سالم أنه تم إرسال جميع المعلومات إلى وزارة الاتصالات لإنجاز التبويب ليكون التوطين متاحاً أمام جميع المواطنين عبر التطبيق وبشكل اختياري في الفترة الأولى، وبعد فترة يمكن أن يتم تحديد مهلة للتطبيق من قبل الجميع.
مصدر خاص في محافظة دمشق أوضح لـ«الوطن» أسباب عدم إمكانية تطبيق خطة توطين الخبز في المدينة وفق ما طرحه أعضاء مجلس المحافظة مؤخراً لعدم وجود عدد كاف من المعتمدين وفق اشتراطات الوزارة الواجبة التوافر في المعتمد.
ولفت إلى وجود أمر آخر يعوق التطبيق وهو أن الهدف المرجو من هذه العملية بإيصال الرغيف الجيد إلى المواطنين لن يتحقق لأن العملية تحتاج إلى 510 سيارات مجهزة برفوف، وبعدم السماح للمعتمد بالحصول على أكثر من 200 ربطة وهذا يعني أننا نحتاج إلى 2550 معتمداً على أقل تقدير، موضحاً أنه حتى الآن لا يتوافر منهم أكثر من 400 معتمد في كامل مدينة دمشق.
وأضاف: وكذلك الحال لا يمكن للسيارة أن تنقل أكثر من 200 ربطة ووضع صناديق خاصة لنقل الخبز وهذا يحتاج إلى مئات الملايين، وهذا غير متوافر لدى أفران القطاع العام والخاص لأنها هي المعنية بتأمين الصناديق البلاستيكية.
المصدر أكد أن المشكلة هي في عدم توافر الأرقام المطلوبة لسكان دمشق لوضع خطة ناجحة لتوطين الرغيف، حيث إن عدد البطاقات الذكية الموزعة في مدينة دمشق بلغ 500 ألف بطاقة، ولكن الأكيد أن هذا الرقم لا يعبر عن العدد الحقيقي لسكان دمشق ولا عن العدد الحقيقي لمن يحصل على مادة الخبز من المدينة، حيث إن هناك أشخاصاً لا يقيمون في المدينة وحصلوا على مخصصاتهم منها، وهناك مقيمون فيها وحصلوا على بطاقاتهم الذكية من محافظاتهم.
وبين أن العدد المسجل على السجلات المدنية في دمشق يفيد بوجود نحو مليوني شخص الكثير منهم خارج القطر.
وأضاف: أمام هذا الغياب لوجود أرقام دقيقة لا يمكن أن يتم وضع خطة للتوطين وتطبيقها، حيث يستطيع أي معتمد أن يجمع ما يشاء من البطاقات الذكية من محافظات أخرى أو من أشخاص لا يستخدمون الخبز العادي ويبيع ما يحصل عليه من كميات في السوق السوداء، ونكون قد خسرنا الرهان الأول بالقضاء على تجارة الخبز، والأهم من ذلك فإننا لا نكون قد حققنا أي وفر في الدقيق ولا المازوت، وهي من أهداف التوطين، وبالوقت نفسه لن يحصل المواطن على الرغيف الجيد لأن ضبط عملية استلام مخصصات كل معتمد وموعد توزيعها للناس لا يمكن أن تحقق نوعية جيدة في المادة.
وعن عدم تعاون المديرين المركزيين في الوزارة مع طلب المعلومات والرد على الشكاوى الواردة من الإعلام عن بعض الإشكاليات، وعد الوزير سالم بإصدار تعميم يؤكد فيه ضرورة التعاون مع وسائل الإعلام وتقديم المعلومات المطلوبة من قبلها، ليبقى الانتظار هو الفصل حول تجاوبهم من عدمه، وخاصة أن عدداً من المديرين منذ تقلدهم منصبهم امتنعوا عن الرد على اتصالات الصحفيين أو إعطاء أي معلومات تخص عملهم على الرغم من تماس مهامهم بشكل مباشر مع الهم المعيشي للمواطنين.