كتب: رشاد أنور كامل
بالعادة تؤخذ القرارات باسم الشعب، وهذا لاينطبق على اعادة الاعمار ، فلا يمكننا ان نعيد الاعمار باسم الشعب، ولاعوضا عنه، و لاحتى لصالحه المباشر مالياً، اعادة الاعمار عملية اما ان تنفذها دولة غنية تستطيع تحمل نفقات ما هدم وما تم فقدانه وتتحمل بعض التعويض المباشر ، وهذا غير متوفر في حالتنا السورية، او ان تلتفت الدولة السورية وباسم الشعب هذه المرة وتطلب من السوريين والسوريات القادرين على الاستثمار والمساهمة المالية والفنية في اعادة البناء الى المبادرة الى مساعدة الدولة والمجتمع الى النهوض مرة اخرى...
اعرف ان هذا الطرح مخالف لكل ماطرح حكوميا منذ العام ١٩٦٣ ، ولكن نحن اليوم ٢٠٢٢ ، وبحاجة ماسة الى اعادة اعمار سورية، باموال لانملكها، وخبرات فقدناها، وشعب اهترأ من حرب وعقوبات وذهول من واقع لم يجهز نفسه للخروج منه.
ان مكابرتنا في طلب العون من السوريين القادرين اتفهمه، فهو اعلان شراكة ليس بالسهل ابتلاعه لا حزبياً ولا حكومياً وربما من بقي من الحالمين من جمهور مؤيد للقطاع العام..
نحلم باستثمارات اجنبية عربية، ايرانية، روسية، صينية، خليجية، وكأن تلك الاستثمارات ستأتي للنفع العام وجبر الضرر عن السوريين، ابداً تلك استثمارات، من يعرف، يعرف انها لن تأتي الا لتحقيق ربح لها، وهذا حقها.. وتريد ثمن استثماراتها، وهذا حقها، وتريد شراكة في القرار الاقتصادي والسياسي لضمان استقرار استثماراتها ، وهذا حقها ايضاً، فالسؤال الحقيقي هنا: لم نحن على الاستعداد النفسي لكل هذه التنازلات الاقتصادية و السيادية للمستثمر الاجنبي، والعربي، اذا كان لدينا سورياً من هو اقدر واولى واعرف ببلاده .. ما هذه الا مكابرة تاريخية، مكابرة اعادة من خسرناهم منذ التأميم الاول، الى تاريخه..
هناك استثمارات سورية واموال جاهزة قدرتها احدى دراسات الاسكوا بحوالي ٢٢٠ مليار دولار ، وانا اجزم انها اكثر من ذلك، وهي اموال سوريين لم يسرقوها من سورية ، بل اموال سوريين اسسوا شركات عملاقة خارج سورية خلال السبعين عاماً التي مضت، و هناك خارج سورية ايضاً الاف من الخبراء من السوريين فوقها من يستطيعون ملئ فراغ الخبرات السورية التي ستحتاجها تلك الشركات و بغمضة عين..
طبياً اعرف مئات الاطباء من يستطيعون فتح اهم المشافي في سورية ،لا بل يستطيعون فتح معاهد تمريض، وكليات طبية كاملة ان اردتم.
هندسياً ، زراعياً، مصرفياُ، برمجياً، إعلاميا ً، وبكل المجالات الاخرى هناك سوريون متفوقون، وان اسسنا لهم البيئة الاستثمارية الحقيقية في سورية، سيعيدون اعمار سورية.
نعم هم اول من سيستفيد، هذا واقع الاستثمار وحقيقة مكاسب الخبرات المتراكمة، وستستفيد سورية الدولة، واخر المستفيدين هم الشعب المعتر المنتظر للفرج، ولكن عندما يصل هذا الفرج اليهم، سيكون مستدام...
اعادة اعمار سورية، يجب ان تسبقها خطوة باتجاه اهم مصالحة طال انتظارها ، وهي المصالحة مع الرأسمال السوري ، مال و وخبرات ، مصالحة تعيدهم الى واجهة القرار الاقتصادي السوري و وتمنحهم القدرة على ضمان استقراره ، وتعيد الدولة الى موقعها الاصلي والمحدد في هذه المعادلة كناظم، وشريك في التخطيط الاستراتيجي ، وضامن للاسثمار.
والخطوة الثانية: بناء جسور ثقة تقطعت قصداً بين السوري التاجر والصناعي والماهر ، وبين السوري الذي تربى على عداء تلك الفئات، وتأسيس لبيئة تعيد الينا من فقدناهم من تجارنا وصناعيينا وخبرائنا المشهود لهم ..
المشهود لهم بها..
من ايام رحلتي الشتاء والصيف ...
والتي ان اردناها ... تعود ...للشام وحلب
ولم لا..
رشاد أنور كامل