يبدو أن أزمة المحروقات التي بدأت من تأخر تعبئة مازوت التدفئة وصولاً إلى رسائل البنزين بلغت ذروتها بشكل لم يكن متوقعاً لدى أكثر المواطنين ونخشى أن تكون في تفاقم متصاعد.
وعلى ما يبدو أيضاً أن الأيام القليلة القادمـــة ستكــون الأشــــد إيلامــاً وقســوة على صعيــد توافــر المحروقـات بسبب واقع التوريدات وفق التأكيــدات الرسمية، وبالتالي المزيد من التأثير المباشر في المواطنين، خاصة مع قدوم منخفض جوي يبدأ اعتباراً من اليوم الثلاثاء، وواقع الحال يؤكد وجود صعوبات راهنة على صعيد المازوت والبنزين والغاز.
السيناريو المعاش حالياً للمواطنين لتدفئة أنفسهم، يدفع إلى الاعتماد على البديل عن المازوت والذي إن نفد أو تأخر وصوله، فثمة حطب يلجأ إليه الهاربون من برودة الشتاء المتوقع أن يكون قاسياً لكن بتكاليف مرتفعة جداً، حتى وصلنا إلى بدائل كثيرة كان السوريون قد تركوها منذ عقود، كالتدفئة على احتراق روث الحيوانات، وأخرى ابتدعوها كقشور اللوزيات و(الملابس القديمة) وحتى الأحذية القديمة؟!
كلّ شيء أصبح ملاذاً للمواطنين للتغلب على شتاء مقبل يتوقع أن يكون قارساً، بعد تراجع حصة الأسرة من مئتي لتر إلى خمسين لتراً من المازوت سنوياً، وفق ما يسمى البطاقة الذكية للمازوت المدعوم، ( وإن حصلت على الـ50 لتراً) تكون من الفائزين؟!
إن الشح في توفر المحروقات ساهم في فتح الباب على مصراعيه في السوق السوداء، ليصل سعر لتر المازوت والبنزين إلى أرقام كبيرة تجاوزت الـ 7 آلاف ليرة سورية، بما لا يتناسب مع دخل المواطن.
ولم يتوقف غياب المادة وتأخر وصول رسائل البنزين حتى 15 يوماً عند هذه الحدود بل بدأ مسلسل ابتزاز المواطن من بعض سائقي «التكسي» ممن سارعوا إلى رفع أجورهم تحت حجج وذرائع باتت معروفة ومكشوفة بعدم توفر المادة وتأخر وصول الرسائل من جهة، ومن جهة أخرى ارتفاع مستلزمات وتكاليف الصيانة والتشغيل لأكثر من 10 أضعاف خلال الأزمة.
ويأتي ذلك على الرغم من قرار تعديل العدادات الصادر من المحافظة، إلا أن واقع الحال يفرض عدم التزام السائقين بالعداد، ليصبح الأمر رهناً بالاتفاق بين الراكب والسائق على التكلفة، وبمجرد صعودك إلى التكسي عليك دفع ما لا يقل عن 5 آلاف ليرة سورية، علماً أن موضوع موعد الرسالة يختلف من محافظة وأخرى وكازية معينة وغيرها وفق واقع توطين البطاقة الذكية، ناهيك عن أن التأخر بات سببه معروفاً بوضع المادة والحصار الاقتصادي الجائر على البلاد.
وهذا الأمر ينطبق على رسائل الغاز التي لا تقل مدتها عن 100 يوم، رغم تأكيد المعنيين في فرع الغاز أن الزمن الوسطي للرسائل هي 75 يوماً خلال الوقت الحالي، لكن واقع الحال يؤكد تأخرها لدى العديد من المواطنين إلى 120 يوماً، وبالتالي اضطرار البعض إلى تأمينها بشكل أو بأخر وبأسعار مضاعفة.
وحول الرقابة التموينية، أكد مدير التجارة الداخلية وحماية المستهلك في محافظة دمشق تمام العقدة، تشديد الرقابة على المحطات ومراكز توزيع المادة والسيارات النقالة للمازوت، مع متابعة الشكاوى الواردة والعمل على متابعتها، والتشدد في حصول المواطن على الكمية المخصصة له كاملة من البنزين، والمازوت خلال الفترة الماضية من عملية التوزيع لعدد من أحياء العاصمة، مع التحقق من وصول الكمية وعدم وجود أي خلل.
وأضاف: معظم المخالفات الخاصة بالبنزين ترتبط بالتلاعب في المعايرة، علما أنه يتم إجراء معايرة دورية على جميع المحطات ما يقلل من المخالفات ويؤدي إلى ضبطها بالشكل المطلوب، مبيناً في سياقه أنه تم ضبط حالتي تلاعب بجهاز (جي بي إس) خلال الفترة الماضية لوسيلتي نقل (سرفيس) قام كل منهما بتركيب 6 أجهزة تتبع، ما أدى إلى اتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة حيالهما.
وكشف مدير التجارة الداخلية أن عدد الضبوط المنظمة بخصوص المحروقات منذ بداية الشهر قدرت بـ15 ضبطاً، مبيناً أن قيمة الغرامات الإجمالية للمحروقات تصل إلى نحو النصف مليار ليرة بحق المحطات المخالفة وسيارات التوزيع.
في السياق تؤكد المعلومات أنه مازال هناك تخفيض لعدد الطلبات المخصصة من المحروقات إلى مختلف المحافظات نتيجة واقع التوريدات والمادة، فيما أكدت المصادر في دمشق وريفها أنه لا تأثير على الإطلاق على واقع النقل، وأن هناك أولوية بتوزيع المادة للمشافي والأفران.