بورصات وأسواق -دريد سلوم
في ظل أزمة النقل الجماعي التي باتت تتفاقم بلا حلول جذرية والتي برزت بشكل كبير خلال فترة الأزمة وتبعاتها، كان لابد من تأمين البديل من قبل الأفراد أنفسهم من أجل قضاء حوائجهم أو الوصول إلى أماكن عملهم وتأمين متطلبات منازلهم .إذ برزت الحاجة الملحة إلى اقتناء دراجة آلية باسمها المعتاد(موتور) ، والتي انتشرت بشكل كبير جدا حتى أصبحت تجوب شوارع المدينة بشكل لافت وغالباً مزعج ويسبب ارباك للسير والمارة عدا عن الحوادث والجرائم التي تتسبب بها.
إن هذا الواقع فرض نفسه بشكل اوتوماتيكي جراء صعوبة تأمين النقل الجماعي وبالتالي لابد من وجود ضوابط تحدد عمل هذه الدراجات كي لا تتحول إلى وسيلة للتسبب بالحوادث من جهة وكذلك وسيلة للنشل والسرقة وارتكاب الجرائم من جهة ثانية ..و بالنظر إلى الجانب الإيجابي كان لها فوائد عديدة منها تأمين ركوب وانتقال سهل ويسر لصاحبها ومنها تأمين دخل مناسب من خلال استثمارها في نقل الركاب من خلال الطلبات الخاصة والمستعجلة ومنها من وظفها في شركات التوصيل والمطاعم من أجل خدمة الطلبات وتلبية الزبائن.
ريع اقتصادي
يرى منهل وهو صاحب دراجة أنه كان لابد له من حسم قراره وأخذ قرض لشراء دراجة لأنها بحسب ماوصفها (عز) لصاحبها تقيه الحاجة للانتظار والركض خلف السرافيس كما أنها بديل مناسب للنقل وتلبي الغرض كما أنه يستخدمها لنقل أولاده الثلاثة إلى المدرسة يومياً إذ أن تكلفة نقل الولد الواحد عبر سرفيس جارهم المخصص لنقل الركاب تكلفه 125ألف لولد واحد فقط وبالتالي فهو يوفر 375ألف لأبنائه الثلاثة عبر نقلهم بدراجته ،متسائلاً كيف لي أن أدفع هذا المبلغ ومن أين لي بهذا المبلغ الذي بالكاد أحصله من عملي المتواصل طوال النهار لأعيش به ،كما انه يقوم بنقل زوجته الموظفة يوم واحد بالأسبوع عند توقف مبيتهم بسبب تقنين مخصصات الوقود المستمر للآليات الحكومية كي لا ترتبك بالسير .
مالك لديه دراجة يستثمرها خلال النهار من خلال وقوفه في أماكن مثل البرامكة وشارع الثورة لنقل المسافرين إلى كراج البولمان أو بالعكس لقاء 35ألف ليرة للمتأخرين والمضطرين للوصول بسرعة وبالتالي فهو يؤمن دخل من خلال استثمارها بشكل صحيح بالرغم من "تنهيده" أطلقها لصعوبة تأمين البنزين والاضطرار للشراء بسعر عالي ( بالسعر الحر) وهذا ينعكس حكماً على سعر الطلب زيادة سيدفعها الراكب بالتأكيد.
بينما يجد إيهاب تقصير كبير من قبل الجهات الحكومية لجهة تنظيم عمل الدراجات وإعطائها الشرعية باعتبارها وسيلة ملاحقة من قبل عناصر المرور بشكل دائم عدا عن كونها عرضه للسرقة وهذا ماحصل معه من خلال سرقة دراجته أثناء قيامة بتوصيل وجبه طعام لأحد المنازل كونه يعمل بإحدى شركات التوصيل ولديه تطبيق على جواله ،ولكن حين عاد لم يجد الدراجة وفيها طلب آخر اضطر لدفع ثمنه من جيبه فوق خسارته ،ولكنه عاد لشراء واحدة أخرى ليتفاجئ بوجود جل على رقم المحرك لطمس معالم الرقم كي لا يتعرف عليها صاحبها في حال تمت مصادرتها أو تجوالها في الطريق!.
ضوابط للعمل
من الضروري جدا في ظل انتشار الدراجات النارية أن يكون هناك قوانين تحدد عملها لجهة ترسيمها وتنميرها لإضفاء الشرعية عليها وضبط تواجدها وملكيتها وبالتالي الحد من السرقات التي باتت تنتشر كالنار في الهشيم ،إذ لا يكاد يمر يوم دون أن ينظم على الأقل 10 ضبوط سرقة لدراجات نارية في مختلف المحافظات مما حال دون حصولنا على رقم حقيقي كون الضبوط تنظم في الأقسام الشرطية وهي كثيرة ومنتشرة ويتم التسجيل بشكل يومي .
وهنا لابد من الإشارة إلى ضرورة الربط ما بين المحروقات والنقل لجهة رخصة السير واقترانها ببطاقة التزود بالبنزين ،وعدم التزود بمادة البنزين الا من خلال البطاقة وهذا بدورة يحد بشكل كبير من موضوع السرقات اذا لا وقود بدون بطاقة تتطابق مع رقم الدراجة ،في حين أنه لطالما هناك تعبئة للدراجات بدون بطاقة لن تنتهي ظاهرة السرقة !.
بالإضافة للاهتمام بجانب اللوحات و التركيز على جانب الالتزام بشهادات القيادة والتي يجب العمل عليها لسببين أولهما والأهم معرفة راكب الدراجة بقواعد السير على الطريق ووسائل الأمان والحماية التي تخفف من التسبب بالحوادث أو تحد منها ،وثانيها ولاتقل أهمية عن الأولى تحقيق ريع مادي يرفد الخزينة من خلال الرسوم المحصلة والتي تبلغ لكل شهادة 265أـلف ليرة سورية اعتباراً من 13/11/2023 بعد أن كانت في السابق تكلف فقط 75 ألف ليرة سورية.
بالأرقام
بحسب مصادر وزارة النقل فقد بلغ عدد الناجحين في شهادات القيادة الخاصة بالدراجات للعام الفائت في مراكز إجازات السوق 2798ناجح ،تركزت النسبة الأكبر في مركز اجازات سوق دمشق وريفها 1198 يليها مركز دير الزور 297 وبعدها يأتي مركز إجازات سوق حلب بـ229 ناجح ،ولو افترضنا أن هذه الثقافة انتشرت بشكل توعوي أو بشكل قسري نظراً للحاجة لتواجد الشهادة وارتفع العدد للـ5 ألاف ناجح في كافة المراكز ،سيكون الريع المحقق 13 مليار و325 مليون ليرة سورية تعتبر رافدا ممتازا للخزينة وتحقق عدة فوائد تصب في مصلحة مالك الدراجة ومستخدمي الطريق على حد سواء في الحد من الحوادث وخاصة وأنه إذا علمنا أن ما يزيد عن ال60% من حوادث السير سببها الدراجات النارية بحسب مصادر مرور دمشق.
وحسب احصائيات وزارة النقل خلال العام الفائت يوجد 9712 دراجة مسجلة لدى مديرية نقل ريف دمشق بلغت رسومها نحو 630 مليون ليرة سورية فلو ارتفع هذا العدد للأسباب المذكورة أعلاه لضعفين فقط سيكون العائد في مديرية نقل ريف دمشق مليار و260مليون وقد يصل هذا المبلغ بشكل تقريبي في كافة المحافظات لنحو ال10 مليارات ليرة سورية ،مع الأخذ بعين الاعتبار أنه ليست كل المحافظات تحتاج الدراجات بنفس القدر في التنقل والعمل .
في المقلب الآخر إن فرض وجود نمرة على راكبي الدراجات لا يسمح بتنظيم عملها واستيفاء رسوم وحسب وإنما يقضي بشكل مطلق على ظاهرة سرقة هذه الدراجات ويلغي هذه الظاهرة بالمطلق وهذا ليس بالأمر الصعب على الجهات الحكومية كما تحدثنا في الأعلى لو تم البدء به حالاً على مبدأ أن تصل متأخراً خيراً من أن لاتصل .
كلام منطقي
مصادر في مرور دمشق أوضحت أن قانون السير ينص على أنه لايجوز تسيير مركبة مالم تكن مسجلة أصولا من قبل مديريات النقل المختصة ومن الضروري لراكب الدراجة حصوله على شهادة من فئة (آ) بالإضافة إلى أن وجود نمره على الدراجة مهم لجهة معرفة العائدية وبالتالي تخفف من الحوادث المتمثلة في السرقة والاعتداء والإيذاء سواء عمداً أو عن غير قصد ،ويصبح من السهل العودة للوحة ومعرفة المالك حتى لو فر هارباً ، وتضيف المصادر أن تنمير الدراجة مهم لصاحب الدراجة بالدرجة الأولى فهو من خلال ذلك يستطيع أن يتعاقد مع شركات التأمين وبالتالي يحمي نفسه من مخاطر الحوادث ويكون محصناً قي حال لاقدر الله وقع حادث غير متوقع وهذا مفيد لكافة الأطراف المتنازعة في حال حصل حادث.
كما تضيف المصادر أن هذا العمل يجب أن يكون متكامل من قبل عدة جهات لتنظيم مسارات سير لهذه الدراجات وضبط حركتها والأماكن المسموح تواجدها وكذلك الحمولة وعدد الركاب المسموح به إذ انه من غير المعقول سير دراجة وسط الازدحام وتقل رجل وزوجته وخمس أطفال محشورين بشكل يهدد حياتهم ويجعلهم عرضة للخطر له ولعائلته ولمستخدمي الطريق ،وهنا نبهت المصادر إلى أن حوادث الدراجات من الحوادث الخطيرة والتي تتسبب إما بالوفاة أو بحالات عجز قد تكون دائمة أو بنسبة عالية من الضرر.