تنعكس ارتفاعات أسعار حوامل الطاقة على الأسواق بشكل كبير، وتحمّل عليها مسؤولية ارتفاع أسعار السلع والبضائع بشكل شبه دائم، فقد شهد الأسبوع الماضي قرارين لرفع أسعار الكهرباء والمشتقات النفطية، وتضمن الرفع أسعاراً جديدة للقطاعات الصناعية والتجارية، فكيف سيكون انعكاسها على الحرفيين بالمجمل؟ وهل ستكون كفيلة برفع الأسعار بشكل كبير وما المعيار الذي يحكم ذلك؟
رئيس اتحاد الحرفيين ناجي الحضوة، أكد في تصريح لـ«الوطن» أن أسعار الكهرباء والمشتقات النفطية تدخل بكلف الإنتاج التي ستزيد حتماً، وبالتالي سينعكس ذلك على سعر المنتج النهائي وعلى حجم المبيعات، بسبب ضعف القدرة الشرائية للمواطن، مبيناً أنه لا يمكن تحديد نسب ارتفاعات الأسعار لأن ذلك يتوقف على نوع الحرفة ومدى دخول تكاليف حوامل الطاقة في الإنتاج، فمثلاً تدخل هذه المواد بصناعة الحلويات بشكل كبير وتقل في حرف أخرى.
وفي سياق متصل، أشار الحضوة إلى أنه يتم تأمين احتياجات الحرفيين والصناعيين وكل المنشآت الإنتاجية من المازوت عن طريق شركة خاصة وهو مازوت يباع بالسعر الحر، ولا يوجد أي شكاوى حالياً من عدم توافرها.
وحول ما يقال بشكل دائم أن ارتفاعات أسعار المشتقات النفطية والكهرباء تؤدي إلى خروج الكثير من الحرفيين من العملية الإنتاجية، بيّن رئيس الاتحاد أن هذا الحديث غير دقيق ولم يحدث حتى الآن عزوف حرفيين عن العمل نتيجة لهذه الأسباب، لأن الحرفي يرفع أسعاره بشكل دائم بما يتوافق مع أسعار المواد الداخئة بالعملية الإنتاجية.
ولمعرفة واقع بعض الحرف من أفواه أصحابها، تواصلت «الوطن» مع رئيس الجمعية الحرفية لصناعة البوظة والحلويات والمرطبات في دمشق بسام قلعجي، الذي أكد في تصريحه أن ارتفاع أسعار المحروقات يؤدي إلى ارتفاع أسعار 650 سلعة بالمجمل من بينها كل أنواع الحلويات، إضافة إلى ارتفاع أسعار الكهرباء بنسبة خمسة أضعاف والذي سيتم تحميله بالكامل على المنتج أيضاً.
وأشار قلعجي إلى أن الحلويات تشهد بالأساس ارتفاعاً كبيراً بأسعارها قبل صدور القرارات الجديدة، حيث وصلت أسعار الحلويات الشعبية إلى 50 ألف ليرة للكيلو الواحد وهي التي يستهلكها نحو 80 بالمئة من المواطنين، وتشمل بعض أنواع الكيك والبرازق والمعمول وبعض أنواع الحلويات التي يضاف إليها القطر، أما الأصناف المتوسطة فقد وصل سعر الكيلو منها إلى 300 ألف ليرة، وهي تستهلك من 15 بالمئة من الناس، في حين وصل سعر الكيلو من الأصناف الإكسترا إلى 500 ألف ليرة، وهي نسبة مبيعاتها قليلة جداً حيث تستهلك من 5 بالمئة من المواطنين، متوقعاً أن تشهد الحلويات موجة ارتفاع أسعار جديدة مع دخول شهر رمضان.
وفي سياق متصل، طالب قلعجي بتعويم أسعار الحلويات حيث يبيع كل حرفي حلوياته بالسعر الذي يناسب صنفها وتكاليف إنتاجها وهذا ما يفتح باب المنافسة بين الحرفيين، علماً أن هذه الآلية كانت مطبّقة منذ نحو الأربعة أعوام وأثبتت جدواها حينها، متابعاً: «نحن الآن نعاني جولات موظفي وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك على محال الحلويات وتحرر بحقهم المخالفات بحجة ارتفاع الأسعار، فقد حان الوقت للخروج من عباءتهم، وعدم إلزامنا بتسعيرة معينة من الوزارة».
وإلى ذلك اشتكى قلعجي من الربط الإلكتروني مع وزارة المالية كمسبب آخر لارتفاع الأسعار، وذلك بسبب نسب الضرائب المرتفعة التي تضعها الوزارة، فمن غير المنطقي أن يتم السماح بأرباح تصل نسبتها إلى 13 بالمئة وأن تكون نسبة الضرائب 33 بالمئة من هذه الأرباح.
ومن جهة أخرى، وحول آلية توزيع الغاز الصناعي على الحرفيين، أكد قلعجي وجود نوع من عدم العدالة في توزيع أسطوانات الغاز وهدر بالكميات الموزعة لبعض الحرفيين على حساب حرفيين آخرين، وهذا ما يضطر الكثير من أصحاب الحرف للجوء إلى السوق السوداء وشراء الأسطوانة بـ450 ألف ليرة، مضيفاً: «لدي منشأة لصناعة البوظة توقفت على الرغم من أنني رئيس الجمعية، فمن غير المعقول أن يتم تخصيص 50 أسطوانة غاز للمعمل كل 6 أشهر».
من جهته، أكد رئيس الجمعية الحرفية للمحامص والموالح والمكسرات والتوابل والبن في دمشق عمر حمودة في تصريح لـ«الوطن» أن ارتفاع أسعار المواد التي تدخل بالعملية الإنتاجية ستؤدي حتماً إلى ارتفاع الأسعار، فالمحامص تعتمد بشكل كبير على المحروقات والكهرباء، وبالتالي فسيكون هناك ارتفاع لأسعار المكسرات والبن وما إلى ذلك.
وأشار حمودة إلى أن حركة مبيع المكسرات ستشهد ركوداً مع بداية شهر رمضان بسبب عزوف الكثير من المواطنين عن شراء هذه المواد بسبب الصيام، إلا أن الحركة ستنشط خلال الجزء الأخير من الشهر ومن المحتمل أن تشهد الأسعار ارتفاعاً حينها.