كتب : أيمن قحف
الفارق بين المجتمعات المتحضرة والمتخلفة يتلخص في فكرة بسيطة : في المجتمعات المتحضرة يساعدون الفاشل حتى ينجح فيبنون مجتمعاً متميزاً، بينما في المجتمعات المتخلفة يهاجمون الناجح حتى يفشل فيبنون مجتمعاً بائساً !
في أي تجمع بشري مبني على التخلف تحظى أجمل و أذكى النساء بأكبر قدر من النقد والهجوم من القبيحات والفاشلات ! في البيئة الانتهازية يحاول الفاشل القاء اللوم على الناجحين ليبرر فشله بدل من معالجة مشكلاته ! السياحة في سورية مظلومة و لا تحظى للأسف بأي دعم حقيقي ، فهي لم تكن فقط ضحية الحرب والحصار ، بل ضحية عدم اعتبارها أولوية ولا قطاع اقتصادي مؤثر - اللهم إلا في التصريحات !!
منذ سنوات وفي اجتماع حساس قال وزير بارز : السياحة قطاع مستهلك ليبرر تخفيض اعتمادات الموازنة المنخفضة أصلاً ، وهذه عقلية لطالما اخرت نمو السياحة التي تحاول للأسف أن تتطور ذاتياً دون دعم حقيقي رغم أنها قطاع انتاجي واقتصادي بقيمة مضافة عالية ..
اليوم يأتي من يلوم الحكومة على ( دعم ) غير موجود أصلاً للقطاع السياحي ، بل العكس هو الصحيح فالسياحة تدعم موارد الدولة و تؤمن عشرات آلاف فرص العمل المباشرة وغير المباشرة ، اضافة لما يوفره من القطع الأجنبي القادم من السياح ، وهذا ما يشكل رديفا داعما ومحركا للاقتصاد الوطني .
القطاع السياحي يشكل حالة من التكامل مع قطاعات عدة فعدا عن فرص العمل التي تؤمنها المنشآت ، السياحة تنشط قطاعات أخرى مثل البناء والأخشاب والمفروشات والتجهيزات ، والقطاع الهندسي والفني والاداري الذي تقوم عليه أي منشأة .
وفي سياق متصل نذكر مؤشرا هاما بأن هناك 14 ألف شاب وشابة في القطاع التعليمي والتدريب السياحي الفندقي وذلك في كليات السياحة والمدارس والمعاهد الفندقية ومراكز التدريب ، تؤمن لهم السياحة فرص عمل ، لكن هناك من يرغب في السفر وهذا ما لا نتمناه او نشجعه ، ومع ذلك فالشهادة الحاصل عليها تؤهله لمزاولة العمل السياحي في أي بلد ، فالتعليم السياحي في سورية بنية متكاملة والخبرات السورية مطلوبة ، والعمل في القطاع السياحي الخاص يؤمن دخل مقبول حتى ان لم يقارب أجور الدول الأجنبية والخليجية .
وأنتقل لنقطة أخرى متعلقة بالجانب الاستثماري ،أرى أن رجال الأعمال يخاطرون في ظروف غير مؤاتية اقتصادياً و بنوا و رمموا منشآتهم وشهدت السنوات الاخيرة دخول الكثير من المنشآت حيز الاستثمار .. فالسياحة هي خيار أول لكثر ممن يريدون البداية بمشاريع صغيرة أو متناهية الصغر مثل الاستراحات والكافيهات ، و هؤلاء يستحقون الدعم والتقدير لعملهم الجيد وتشغيل الكثير من اليد العاملة .. اضافة لمشاريع الحرف اليدوية والتراثية التي تقدم وزارة السياحة دعمها الكبير لها واخر انجاز يحسب للوزارة هو الافتتاح الراقي لحاضنة دمر التراثية التي احتضنت مشاريع عدة تحت كنفها وقدمت صورة راقية للمنتجات السورية التراثية على اختلافها ، فمنتجها يباع للسياح ويصدر لخارج سورية .
وبعد هذه المعطيات نقول عن أي دعم يتحدثون ؟! فالكهرباء وحوامل الطاقة بالسعر العالمي و تدفع الضرائب و الرسوم المختلفة دون أي معاملة خاصة !! منشآت 4و 5 نجوم تقدم 13% للخزينة وهو رقم بمئات المليارات ، ومنشآت النجمتين والثلاثة نجوم تدفع 9% موارد للخزينة العامة ..
من المؤسف أنه كلما أراد البعض دعماً لقطاعات أخرى - لسنا ضد دعمها من الزراعة والصناعة وغيرها من القطاعات التنموية والتي تحدثت مرارا عن اولوية دعمها - يهاجمون السياحة وكأنها هي التي تستنزف الدعم والموازنات الحكومية !!
السياحة تستحق الدعم من الدولة والمجتمع ، وهي استثمار ناجح ونفقات مستردة للخزينة والاقتصاد الوطني ، ولننظر لدول كثيرة في المنطقة والعالم تعيش من مدخول السياحة ..