لغاية الآن لم تنتهِ المعاناة التي يعيشها المعيدون الموفدون داخلياً إلى الجامعات السورية لعل أهمها إشكالية تأمين كفالة مفتوحة «غير محددة القيمة».
شكاوى كثيرة أكد فيها عدد من الموفدين أن الجامعات لا تقبل كفالة المعيد الموفد داخلياً إلا إذا كانت مفتوحة القيمة، مشيرين إلى وجود صعوبات في ظل الظروف الحالية في تأمين الكفالة المفتوحة، سواء إن كان منذ بداية إيفاد الماجستير أم بعد انتهائه.
وقال الموفدون لـ»الوطن»: تفاقمت المشكلة بعد عام 2021، حيث نص القرار على أن لكل إيفاد مستقل كفالة مستقلة وكانت تقبل الكفالات الزراعية والصناعية والتجارية في الجامعات محددة القيمة، وبناء عليه قدم المعيد كفالة واحدة لمرحلة واحدة محددة القيمة «غير مفتوحة».
وأضافوا: في عام 2022 صدر القرار رقم 28 بأنه يجوز للإيفاد المستقل كفالة واحدة، تشمل المرحلتين معاً، وبالتالي منذ البداية قدم المعيد كفالة واحدة، ولكن الجامعات لا تقبل الكفالة إلا إذا كانت مفتوحة غير محددة القيمة، ومن هذا المنطلق فالمعيد الذي قدم كفالة محددة القيمة عام 2021 لن يستطيع إتمام دراسته إلا في حال قام بتأمين كفالة ثانية للدكتوراه مفتوحة القيمة!
وأشار الشاكون إلى أن الفترة المحددة بين إنهاء إيفاد الماجستير وبداية إيفاد الدكتوراه «سنة واحدة» وإلا يفقد المعيد حقوقه إذا لم يؤمن كفالة مفتوحة، متسائلين: هل يجوز مساواة المعيد الموفد داخلياً بتأمين «كفالة مفتوحة» بالمعيد ذاته الموفد خارجياً؟
وأكد مصدر مطلع في وزارة التعليم العالي والبحث العلمي في تصريح وجود إجراءات لتبسيط متطلبات الكفالة بالنسبة للمعيد الموفد داخلياً بشكل كبير، مضيفاً: إن الكفالة مطلوبة بموجب القانون، لكن تحديد قيمة الكفالة أدى إلى حصول بعض الكفلاء على أحكام قضائية بقدر القيمة المحددة للكفالة، وبالتالي كانت هذه الكفالات لا تتجاوز المبلغ الذي يصرف على المعيد شهرياً والمقدر بـ600 ألف ليرة.
وفي تصريح لـ»الوطن» كشف المصدر عن دراسة مشروع صك تشريعي للموفدين داخلياً تمت الموافقة عليه من الجهات المختصة وتم رفعه إلى رئاسة مجلس الوزراء ليصار إلى دراسته ومناقشته بشكل مفصل، يقضي بفرض كفالة غير محددة بمبلغ نقدي، مبيناً أن المشروع ينص على إعفاء الموفد الداخلي بوضع ضوابط تضمن التزامه بخدمة الدولة «مثلي مدة الدراسة».
وأكد المصدر أن الموفد الداخلي وفق المشروع الذي دراسته يصبح أمام خيارين، إما تقديم الكفالة وفق الضوابط المحددة وإما الإعفاء منها، وذلك أسوة بالضمانات التي حددت للأطباء الملتزمين بخدمة الدولة، بحيث لا تمنح الشهادات والوثائق للموفد إلا بتقديم كتاب يماثل ما تم تطبيقه على «الأطباء الملتزمين» وذلك بعد الإيفاء بالتزاماته تجاه الوزارة.
وفي السياق تتجدد المطالبات المستمرة بضرورة اتخاذ الإجراءات التي تنعكس إيجاباً على المعيدين الموفدين داخلياً، إضافة إلى تشجيع الموفدين للخارج على العودة، حيث تؤكد معلومات وزارة التعليم العالي أن أكثر من 1500 معيد موفد إلى الخارج لم يعودوا إلى سورية خلال فترة الأزمة رغم صرف المبالغ الكبيرة عليهم.
وتؤكد المعلومات استمرار إعلانات الإيفاد الصادرة سنوياً لعدد من الدول ولاسيما إلى إيران والصين وروسيا وعدد من الدول، مع تأكيد أنه يمكن للموفدين المخالفين العودة و»تسوية أوضاعهم» من خلال عدة مراسيم صدرت سابقاً، استفاد منها عدد من الموفدين.
من جهته أكد الباحث الأكاديمي عضو الهيئة التدريسية في جامعة تشرين مهند نصرة أنه لابد من التمييز بين قيمة النفقات للموفدين داخلياً وبين قيمتها للموفدين خارجياً، حيث ليس هناك مجال للمقارنة بين الحالتين، إذ يكلف المعيد الموفد خارجياً آلاف الدولارات في حين الموفد داخليا لا تكون التكاليف على وجه المقارنة إطلاقاً.
واعتبر نصرة أن تسهيل الأمر سيساهم بعودة مئات المعيدين الموفدين ويحقق ضمانه فعليه للوزارة من جهة، مع ضرورة تسهيل الإجراءات بحيث تكون الكفالة مقبولة من حيث القيمة الحقيقية وضامنة لحق الدولة من جهة وشاملة للمرحلتين الماجستير والدكتوراه من جهة أخرى.