تلا رئيس مجلس الوزراء الدكتور محمد غازي الجلالي البيان الوزاري للحكومة الجديدة أمام مجلس الشعب، مؤكداً أن الحكومة تلتزم بالعمل في مجال البنى التحتية والموارد والطاقة والخدمات لبناء قطاع موارد وطاقة يعمل وفق أسس ومعايير فنية واقتصادية متطورة تراعي اعتبارات الكفاءة والعدالة وجودة الخدمة، للوصول إلى قطاع متكامل ومتوازن وكفء ومستدام.
وأكد الدكتور الجلالي أن الحكومة ستعمل على تحقيق عدد من الأهداف الإستراتيجية، وهي تعزيز منظومة إدارة موارد الطاقة بما يضمن التخصيص الأمثل للكميات المتوفرة على القطاعات الأكثر أولوية، ريثما يستقر سوق الطاقة في سورية وتحقيق الأمن الطاقي والمائي والبيئي المستدام، وبناء مجتمعات عمرانية متكاملة ومستدامة آمنة ومجابهة للتغيرات المناخية، ومراعية لمعايير التخطيط العمراني وتطوير قطاع الإسكان.
وتابع رئيس مجلس الوزراء: إن الأهداف الاستراتيجية تتضمن أيضاً إعادة بناء وتهيئة البنى التحتية بما يكفل جودة الخدمات المقدمة، وتعزيز استدامتها والوصول العادل إليها، وحماية البيئة والوقاية من الكوارث.
وأوضح الدكتور الجلالي أنه من المتوقع أن تواجه جهود الحكومة في مسعاها لتحقيق هذه الأهداف تحديات كثيرة، أهمها محدودية الموارد والإمكانات المادية وهجرة الكفاءات، في ظل تنامي الطلب على خدمات الطاقة والبنى التحتية وتزامنه مع ظروف الحرب الإرهابية والحصار والدمار الواسع في مرافق البنى التحتية، وأثر الإجراءات القسرية الأحادية الجانب على توفير مستلزمات البناء وإعادة التأهيل وكذلك الكوارث الطبيعية والتغيرات المناخية، واستنزاف وسرقة بعض الموارد الطبيعية في المنطقتين الشمالية والشرقية، وخاصة النفط والغاز.
وفيما يلي النص الكامل للبيان..
البيان الحكومي
لوزارة المرسوم (232) لعام 2024
السيدُ رئيسُ مجلسِ الشعب
السيداتُ والسادةُ الأعضاء
في أولِ لقاءٍ كريمٍ للوزارةِ مع مجلسِكم الكريمِ، أتقدمُ باسمي واسمِ زملائي في مجلسِ الوزراء بأسمى آياتِ التبريكِ لمجلسِكم الكريمِ بنيلِه ثقةَ الناخبينَ في كافةِ ربوعِ وطنِنا الحبيبِ، وأعربُ لكم عن أصدق الأمانيِّ بالتوفيق والنجاح في متابعة انعقاد اجتماعاِت هذا المجلس الموقر في دوره التشريعي الرابع.
نجتمع اليوم في ظروفٍ صعبةٍ ومشهدٍ داخليٍ، وإقليميٍ ودوليٍ بالغِ التعقيد، يصعب معه على أي مؤسسة وطنية أن تقوم بواجباتها المطلوبة دون التنسيق التام والتعاون الكامل مع بقية مؤسسات الدولة، وهذه قناعتُنا في مؤسسة مجلس الوزراء إذ لا نرى بدّاً من أن نحظى بالدعم والتنسيق والتعاون المثمر مع مجلسكم الكريم كي نقوم نقومَ جميعاً بواجبنا، ونتشرَّفَ بخدمة وطننا ومواطنينا تحت راية ورعاية قائدِ المواقف، السيدِ الدكتور بشار الأسد رئيس الجمهورية.
على وقع تسارع الأحداث، وفي زحمة الوقت، ومع تواترِ القرارات والإجراءات التي قد لا تحتاج لمبررات مكتوبة، ربما لا يكون هناك متسعٌ من الوقت للكلام والبيان، بل للأمل بالعمل، وللمبادرة وللإنجاز، وللنجاح. وانطلاقاً من إيماننا المشترك المطلق بأحقية ووجوب الاستحقاقات الدستورية، أتشرف بأن أتلوَ على مسامعكم الكريمة البيانَ الوزاريَّ للوزارة المشكلةِ بالمرسوم الكريم رقم (232) تاريخ 23/9/2024.
السيدُ رئيسُ مجلسِ الشعب
السيداتُ والسادةُ أعضاءُ المجلس
لقد تشرَّفتِ الحكومةُ بتوجيهات السيد الدكتور بشار الأسد رئيس الجمهورية لها بعد أداء القسم بتاريخ 24/9/2024، حيث توقف سيادتُه عند منهجية صياغة البيان الحكومي عندما تفضل قائلاً وأقتبس: “فإذاً أولُ طريق لنسهِّل عملَ الحكومة في هذه الظروف الصعبة هي أن تكون هذه الحكومةُ حكومةَ الواقع لا حكومةَ الأحلام.. لا أحد يريد سراباً.. لا المواطنُ ولا أنتم ولا أي شخص.. هذا الشيء يُعكَس في البيان الوزاري.. بدايةً عبر بيانٍ وزاريٍّ شفافٍ وواقعيٍّ ومبنيٍّ بسياساته وبخططه على الحقائق أي بالمختصر هو بيانُ الممكن لا بيانُ المأمول” انتهى الاقتباس.
وانطلاقاً من أن السيدَ رئيسَ الجمهورية راعيَ المؤسسات قد أرشد الحكومة للصيغة المناسبة للبيان الوزاري بما يتوافق ومتطلبات المرحلة، فإنني أستعرض على عُجالةٍ الحواملَ الفكريةَ والتخطيطيةَ للتوجه لأن يكون البيانُ الوزاريُّ شفافاً وواقعياً، وأن يكون بيانَ الممكن لا بيانَ المأمول:
ثمة أزمةٌ مركبّةُ وواقعٌ معقَّد أمام الحكومة، وهناك إشكالياتٌ خارجية المنشأ، وإشكالياتٌ داخلية تتعلق بشكل خاص بكيفية إدارة الموارد الوطنية. فالحكومة مسؤولةٌ عن كفاءة معالجة الإشكاليات الداخلية، ومسؤولةٌ عن كفاءة إدارة هذه الموارد وعن تخصيصها وإعادة تخصيصها بما يحقق العائدَ الأمثلَ منها. فإذ لا يمكننا القول بأن الحكومة ستكون قادرة على توفير التغذية الكهربائية بشكل مستمر لكافة القطاعات، بسبب عدم توفر ما يكفي من مدخلات توليد الكهرباء، فإن الحكومة يجب أن تكون مسؤولةً عن أي هدر أو فسادٍ قائمٍ أو محتملٍ في توزيع أي كميات متوفرة من الطاقة الكهربائية.
ثمة محدوديةٌ واضحةٌ في الموارد المالية للدولة، تترافق مع تنامي عجز الموازنة العامة للدولة إلى مستويات غير مسبوقة، وهي حالة وإن بدت تعكس خللاً في مقاييس المال والاقتصاد، فإنها تبدو طبيعيةً في موازين “المنطق” لبلدٍ لا يزال يعيش حرباً وجوديةً منذ ما يقارب ثلاثةَ عشرَ عاماً، ويعيش في بيئةٍ مضطربةٍ تهدد الاستقرار العالميَّ وليس الإقليميَّ فحسب. في ظل هذا الواقع، لن يكون أمام الحكومة مساحةٌ واسعةٌ لخلق الموارد الإضافية لتمويل مسارات التنمية الاقتصادية والاجتماعية على وضعها الراهن. فلن يكون هناك قدرةٌ على مضاعفة الرواتب والأجور أو زيادتِها إلى مستوياتٍ تلبي رغبات المواطنين ورغباتِنا العاطفيةِ والنفسيةِ، فالتمويل بالعجز ليس مصدراً آمناً ومستداماً لتمويل التنمية في مثل حالتنا، ما لم يترافق بنموٍّ ملموسٍ في معدلات الاستثمار والإنتاج، بل إنه سيؤدي إلى نتائجَ عكسيةٍ سنكون حريصين على عدم الانجرار إليها تحت أي ظرفٍ كان. فالحقيقة المرّة أسلمُ من الوهم المريح.
ترى الحكومة أن ثمة بنىً هيكليةً وتنظيميةً وطنيةً مشفوعةً بسياساتٍ عامةٍ تقليديةٍ صاغها العرفُ، أو جاءت استجابةً لمتطلبات ظروفٍ قامت منذ عقودٍ خلت ثم تحوّلت بفعل التقليد إلى ثوابتَ ثقيلةٍ ومرهقةٍ للاقتصاد الوطني. وترى الحكومة أيضاً أن الاستثمار في إعادة هيكلة هذه البنى والسياسات هو استثمارٌ وطنيٌّ مربحٌ لن تدَّخر الحكومة جهداً في المباشرة به أياً كانت هوامش الحركة المطلوبة. فلم يعد أمام الحكومة متسعُ من الوقت للانتهاء من ملف إعادة هيكلة الدعم الحكومي على سبيل المثال، لإدارته وفق أسسٍ عصريةٍ، بل وديناميكيةٍ، تتجاوز شبكاتِ الترهلِ والفسادِ، نحو آلياتٍ تقنيةٍ وشفافةٍ وكُفُؤةٍ تضمن إيصالَه إلى مستحقيه.
في ظل الصعوبات المالية العميقة التي تواجهها المالية العامة للدولة، وفي ضوء الانتشار العشوائي للاستثمار العام، الناجحِ في بعض الأماكن والفاشلِ في أماكنَ أخرى، وفي ضوء الصعوبات البالغة التي تواجه تجديد الاستثمار العام، أو إعادةَ تأهيله أو تطويرَه فإن القرار بالانسحاب من الجبهات الفاشلة هو قرارُ استثماريٌّ رابحٌ لن تتردد الحكومة في اتخاذه عند استيفاء متطلباتِ صنعه، وعند ثبوت جدواه من وجهة النظر الوطنية العليا. ولا يفوتني هنا أن أؤكد على أن القول بوجود أبعادٍ اجتماعيةٍ للقطاع العام، لا يبرر إطلاقاً وجود مؤسسات خاسرةٍ بل غارقةٍ في الخسارة، في حين لا يكاد يظهر هذا البعد الاجتماعي، وإن ظهر فهو لا يرقى إلى مستوى تبرير مثل هذا العجز الاقتصادي والتشغيلي والمالي.
تنظر الحكومة إلى القطاع الخاص على أنه شريكٌ وطنيٌّ في التنمية الاقتصادية، وشريكٌ فاعلٌ وموثوقٌ في تحمل المسؤولية الاجتماعية، وهو بحق ثروةٌ وطنيةٌ لم يتمَّ استثمارُها أو إطلاقُها على النحو الأمثلِ. يجب أن يكون القطاع الخاص حاضراً بقوة في بنية وتركيب الاقتصاد الوطني المعاصر إلى جانب القطاع العام، بل يجب أن يكون في دائرة الضوء قبل القطاع العام في كثير من الجبهات وستوفر الحكومة كامل الدعم الممكن لهذا القطاع الحيوي لأن يأخذ مداه الوطنيَّ الأكثرَ جدوى، الذي لا يقيده سوى أحكامِ الدستورِ الواسعةِ الموقرةِ. دورُ الدولة نصبَ أعيننا، ومتطلباتُ ديناميكيةِ وحيويةِ الدولة أيضاً تسكن هواجسَنا، لضمان الاستثمار الأمثل لمواردنا الوطنية بكل موضوعيةٍ وكفاءة، فالحكومة تجيد لغة التطوير وتعتنق أيضاً ديانةَ الانتماء الوطنيِّ والهُويةِ الوطنية بأبعادها الدستورية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية.
السيدُ رئيسُ مجلسِ الشعب
السيداتُ والسادةُ أعضاء المجلس
من منطلق الشفافية أيضاً، نجد أنه من واجب الحكومة وضعُ مجلسكم الكريم بصورة الملامح الرئيسة للوضع الراهن للتنمية في سورية بأبعادها ومحاورها كافة، وإطلاعكم على التحديات التي تواجه عملَ الحكومة خلال الفترة القادمة، وذلك بما يُكسبُ خطةَ عمل الحكومة واقعيتَها عبر الانطلاق من الواقع وتناول مفرداتِه ومؤشراتِه بشفافية، مع الأخذ بالاعتبار أهميةَ هذا التحليلِ كأحد أهم خطوات صنع السياسات وخطط العمل بمختلف مستوياتها عبر الاستدلالِ على المشكلات التنموية التي يجب التعاملُ معها وقياسُ حجمها والوقوفُ على مسبباتها، ومقارنةُ الإمكانات المتاحة في مقابل المتطلبات التنموية لتحديد الفجوات، وصولاً للتعامل معها في متن السياسات والخطط.
يعاني اقتصادُنا الوطنيُّ اليومَ من مشكلات عديدة، تتمثل بمعدلات نموٍّ اقتصاديٍّ ضعيفةٍ ومتذبذبةٍ بين عام وآخرَ تَشكّلَ بفعل خليطٍ من العوامل الخارجية والداخلية، إضافة إلى ضعف الموارد وخروج جزء هام من مكامن الإنتاج، مع ارتفاعٍ مطَّرد بتكاليفه وأسعار مستلزماته، كلُّ ذلك في ظل خللٍ هيكليٍّ في مقومات وحوامل النمو الاقتصادي والتراجعِ في مساهمة القطاعات الإنتاجية في الناتج المحلي الإجمالي.
وعلى الرغم من الاستقرار النسبي في سعر الصرف خلال الفترة الأخيرة إلا أن معدلاتِ التضخمِ العالمية المرتفعة ساهمت باستمرار ارتفاع الأسعار وتآكلِ القوة الشرائية.
وتعاني أيضاً قطاعاتُ الطاقة والبنى التحتية والخدمات من ارتفاعٍ متزايدٍ في الطلب عليها في ظل نقص الموارد ومحدودية القدرة على تلبيتها وتحسين نوعيتها. ولعل عدمَ توفر الكميات المطلوبة، ولو بالحد الأدنى، من حوامل الطاقة يُعد التحديَ الأهمَّ في وجه الحكومة. ففي ظل عدم توفر هذه الحوامل تبقى كافةُ عناصر الإنتاج الصناعي والزراعي مقيدةً ومعطلةً.
تعي الحكومة أن التحدياتِ التي ستواجهها خلال فترة عملها القادمة ستكون كبيرةً ومتعددةً ناجمةً عن عواملَ داخليةٍ وخارجيةٍ، وهذه التحديات ستكون دافعاً للحكومة للتعامل مع مفرزاتها، فعلى المستوى الداخلي تشكل محدوديةُ الموارد المالية واتساعُ الاحتياجات في كافة القطاعات المترافقُ مع التنامي الكبير في حجم الدين العام أهمَّ التحديات التي يتوجب التعاملُ معها، وعلى المستوى الخارجي ستواجَه جهودُ الحكومة بتحدياتٍ تتعلق باحتلال جزء من الأراضي السورية واستنزاف وسرقة الموارد، والإجراءاتِ القسرية الأحادية الجانب المفروضةِ على سورية من بعض الدول والمنظمات، ومفرزاتِ الأزمات الخارجية المختلفة وآخرُها الحرب على لبنانَ وغزةَ، والتحدياتِ المتعلقةِ بالكوارث الطبيعية والبشرية، إضافة إلى التغيرات المناخية (كالتصحر ونقص المياه..) وأثرُها في العديد من القطاعات.
تستمد الحكومةُ القدرةَ والإرادةَ على مواجهة تحديات هذه المرحلة ومفرزاتها من إيمانها العميق بأن العملَ التشاركيَّ والجادَّ والمتكامل والصادق مع مجلسكم الكريم سيساهم في تجاوزها وتخفيف آثارها السلبية على المواطن والمجتمع والدولة مما يعزز نماءَ وسيادة َالوطن واستقرارَه.
تستلهم الحكومة اليوم رؤيتها وبيانَها من أحكام الدستور، والكلمةِ التوجيهية للسيد رئيس الجمهورية وبالتالي فإن التعامل مع تحديات المرحلة الراهنة لن يصرفَ الانتباهَ عن استشراف المستقبل والتحضير للمرحلة المقبلة، وهو ما سينعكس في توجه الحكومة على مستوى برامجِ عملها وخططها التنفيذية في التعامل مع الواقع الراهن وإجراءِ التغييرات المطلوبة والتخطيط لمرحلة ما بعدَ الحرب وبناء سورية المتجددةِ، مؤكدين أن إعادة البناء تستهدف الإصلاحَ بكل أنواعه ومستوياته، وليس استعادةَ ما كان قائماً قبل الأزمة فقط.
وتتبلور توجهات الحكومة في بيانها الحكومي وفق الآتي:
-
تعزيز الهُوية الوطنية بأبعادها التاريخية والحضارية والفكرية والقيمية، بما يحقق التماسكَ والتكافلَ والتضامنَ المجتمعي.
-
تنميةُ النشاطِ الاقتصاديِّ الوطنيِّ ورفعُ مستوى الدخلِ الوطنيِّ والاعتمادُ على المشاريع المتناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة كمرتكز لتحقيق النمو الاقتصادي.
-
حوكمةُ الجهاز الحكومي، وتطويرُ مؤسساته وتعزيزُ موارده البشرية ومراجعةُ سياسة الوظيفة العامة بما يحقق الكفاءةَ والفاعليةَ.
-
تعزيز الانتقال إلى اللامركزيةِ الإداريةِ بما يعزز الاعتمادَ على الذات في الوحدات الإدارية، ويحقق العدالةَ في توزيع الخدمات والأنشطة بين المحافظات السورية وتخفيضَ الفجوة التنموية فيما بينها.
-
اعتماد نهج التشاركية والحوار بين كافة مكونات الدولة من قطاع حكومي وخاص وأهلي لتحقيق ما تضمنه البيان الحكومي.
-
الاستمرار بمراجعة وتطوير كافة السياسات العامة على النحو الذي يضمن الإدارةَ المثلى للموارد الوطنية المتوفرة وتعزيزَ إنتاجيتها.
بما أن البيان الحكومي يعد أحدَ أنماط السياسات العامة الذي يعبر عن برنامجٍ حكوميٍّ متكاملٍ وهادفٍ لفترة زمنية مستقبلية تسعى من خلاله الحكومة إلى تطوير في المنظومتين: الاقتصادية والإدارية تحقيقاً للأهداف العامة، لذلك تم العمل على أن يتضمن البيانُ مجموعةً من السياسات القطاعية والوزارية والبرامجَ التي يلتزم بها الجهاز الحكومي، للتعامل مع المشكلات العامة ومواجهة القضايا الأساسية في ضوء الإمكانات المتاحة عن طريق ترتيب الأهداف والأولويات، ووضع مؤشّراتٍ تقيس حجمَ الإنجاز والعملَ في جميع القطاعات.
تنطلق الحكومة في بيانها من المبادئ العامة الآتية:
-
التوافق مع المبادئ الاقتصادية والاجتماعية التي كفلها دستور الجمهورية العربية السورية.
-
مراجعة السياسات بما يضمن تطوير المنظومتين: الاقتصادية والإدارية.
-
مراعاة اعتبارات الكفاءةِ الاقتصادية المتصلةِ بالعدالة الاجتماعية.
-
الاعتماد على القدرات الذاتية في عملية الانتقال التدريجي المدروس إلى اقتصادٍ منتج.
-
النزاهةُ والشفافيةُ ومكافحةُ الفساد والهدر، وحمايةُ وصونُ المال العام، وتعزيزُ الرقابة المجتمعية.
-
الحوار والتشاركية بين مختلف مكونات الدولة لإحداث نقلة نوعية في السلوك والأداء للمؤسسات والأفراد.
في مجال السياسة الخارجية والعلاقات الدولية
تهدف التحركات الدبلوماسية السورية في الفترة القادمة إلى بناء علاقاتٍ دبلوماسيةٍ متوازنةٍ، وضمانِ احترام سيادة سورية وسلامة أراضيها والدفاع عن مصالحها، وتتخذ من المحدّدات الآتية دليلاً لعملها:
أولاً– إنهاء الاحتلال الإسرائيلي للجولان السوري المحتل، والأراضي العربية المحتلة منذ عام 1967:
تبقى قضيةُ استعادة الجولان السوري المحتل في مقدمة أولويات الحكومة السورية باعتباره أرضاً سوريةً محتلةً، وسكانُه مواطنون عربٌ سوريون، حيث يتم التأكيد في جميع المنابر الدولية على مطالبة الأمم المتحدة باتخاذ إجراءاتٍ فوريةٍ لوضع قراراتها ذات الصلة موضعَ التنفيذ. ويجري أيضاً فضحُ ممارسات الكيان الصهيوني القمعية في الجولان السوري المحتل، واعتداءاته المستمرة على سيادة الأراضي السورية، في جميع المنظمات والمنابر الدولية.
بالتزامن مع ذلك، يواصل بلدُنا وقوفه إلى جانب الشعب الفلسطيني الشقيق في وجه الاحتلال والعدوان الإسرائيلي، ونقدم أيضاً الدعمَ الممكنَ لأشقائنا اللبنانيين في وجه ما يتعرضون له من عدوانٍ صهيوني غاشم.
ثانياً– مكافحة الإرهاب وإنهاء الوجود غير الشرعي للقوات الأجنبية على الأراضي السورية:
تعمل الحكومة على حشد الجهود للقضاء على ما تبقى من التنظيمات الإرهابية، وإعادة الأمن والاستقرار إلى كامل الأراضي السورية، بالتزامن مع مطالبتها الأمم المتحدة بالعمل على إغلاق مراكز الاحتجاز غيرِ الشرعية في شمال شرق سورية، ومطالبة الدول المعنية التي لديها رعايا في تلك المراكز باستعادتهم بما يضمن إغلاقَها وتلافيَ ما تمثله من تهديدٍ مستقبلي. تزامناً مع بذل الجهود على كافة الأصعدة لحشد الدعم اللازم لإنهاء الوجود غير الشرعي للقوات الأجنبية على الأراضي السورية، سواء الأمريكية في شمال شرق سورية، أم التركية في شمال غرب سورية.
ثالثاً– مواجهة التدابير القسرية الأحادية الجانب:
في ضوء التداعيات الكارثية للتدابير الانفرادية القسرية التي تفرضها الولاياتُ المتحدة الأمريكية والاتحادُ الأوروبي على سورية، تعمل الحكومة السورية، ومن خلال اتصالاتها مع الدول الصديقة، ومشاركاتِها الدوليةِ في جميع المنابر على الضغط للرفع الفوري والكامل لتلك التدابير.
رابعاً– حشد التمويل والدعم لجهود الحكومة في المجالين: الإنساني والإنمائي:
بالإضافة إلى الدبلوماسية الاقتصادية التي تنشط بها الحكومة السورية لنسج شراكات وعلاقات تخدم تحقيق أهدافها، فإنها تكثف من اتصالاتها مع المنظمات والبرامج الدولية المختلفة للعمل على ضمان التمويل الدولي المستدام للأنشطة الرامية إلى تحسين الأوضاع الإنسانية في سورية.
خامساً– تيسير عودة اللاجئين والنازحين السوريين إلى مناطقهم:
قامت الحكومة السورية باتخاذ الكثير من الإجراءات التي تدعم عودةً كريمةً للاجئينَ والمهجرينَ السوريين إلى مناطقهم الأصلية، وتستمر بالتنسيق والتعاون مع مفوضية اللاجئين، وتتعاون مع دولٍ شقيقة وصديقة لإطلاق مشاريعَ رياديةٍ تسمح بتوفير الخدمات الأساسية، بما يمثل نموذجاً يساعد في تسهيل وتسريع العودة الكريمة.
سادساً– الانضمام إلى التحالفات والتكتلات الإقليمية:
تعمل الحكومة السورية- ضمن سياستها للتوجه شرقاً – على الانضمام إلى التكتلات والتحالفات الاقتصادية الصاعدة مثل مجموعةِ بريكس، ومنظمةِ شانغهاي، والاتحاد الأوراسي، والراميةِ إلى إنهاء احتكار المؤسسات المالية الدولية التي يهيمن عليها الغرب الجماعي، وإنشاء نظامٍ اقتصادي ومالي أكثرَ عدالةً وتوازناً.
في مجال الدفاع والأمن الوطني
تلتزم الحكومة بمواصلة دعم الجيش العربي السوري والقوات المسلحة وتمكينها من الدفاع عن بلدنا وحمايةِ مقدساته وضمانِ سلامة شعبه وتطويرِ قدراته إيماناً منها بمبدأ أن الجيشَ للحرب والإعمار، وتعزيز القدرات العسكرية لتحقيق الردع والدفاع من جهة، والمشاركة في بناء الوطن وتطوير قدراته في جميع المجالات وتنظيمها بالشكل الأفضل في إطار استراتيجيٍّ لتحقيق أمنها الوطني من جهة أخرى.
وضمن هذه الرؤية تتبنى الحكومة الأهدافَ الاستراتيجيةَ الآتية:
-
السعي لتحقيق أهداف الدولة في تحرير كافة أجزاء الوطن المحتلة والقضاء على الإرهاب وإعادة بناء قوة الردع ومنع الأعداء من الاعتداء على مصالح وسيادة الدولة وتحقيق الأمن والاستقرار.
-
العمل على تنظيم وحشد الطاقات لتحقيق مهام السياستين: العسكرية والأمنية بهدف إرساء الأمن والاستقرار في كافة أراضي الجمهورية العربية السورية.
-
مكافحة الإرهابِ بكافة أشكاله وأدواته، وكافةِ أنواع الجريمة.
-
دعم وتمكين ذوي شهداء جيشنا وقواتنا المسلحة وجرحانا الأبطال وعائلاتهم والعمل على توفير حياة كريمة لهم وفاءً لتضحياتهم الجسيمة.
تواجه جهودُ الحكومة في مجال الدفاع والأمن الوطني تحدياتٍ كبيرةً، أهمها:
-
قيام بعض الدول بدعم الإرهاب في بلدنا وحماية المجموعات الإرهابية المسلحة.
-
الاعتداءات الصهيونية على دول المنطقة ولا سيما على بلدنا وعلى الأراضي الفلسطينية المحتلة، وعلى لبنانَ الشقيق.
-
السياسات العدائية لبعض الدول تُجاه بلدنا.
ولمواجهة هذه التحديات وتحقيق الأهداف الوطنية في الدفاع والأمن والاستقرار تتبنى الحكومة التوجهاتِ الآتيةَ:
-
تبنِّي سياسةٍ دفاعيةٍ وأمنيةٍ تعزز المصالح العليا للدولة وحمايتها من المخاطر آخذةً في الاعتبار المتغيراتِ الداخليةَ والخارجيةَ إقليمياً ودولياً.
-
الاستمرار بتمكين القوات المسلحة والارتقاء بمستواها لتكون قادرةً على مواجهة كل التهديداتِ والتحدياتِ والمخاطرِ.
-
متابعة رفع جاهزية وزارة الداخلية في مجال حفظ الأمن والنظام، والتصدّي للعصابات الإرهابية المسلحة.
-
التعاونُ مع الدول الصديقة والاستفادةُ من تجارِبها لتطوير قدرات قوات حفظ الأمن والنظام.
في مجال التنمية الاقتصادية
تعمل الحكومة على توفير بيئة اقتصادية محفزةٍ وجاذبةٍ للاستثمار والإنتاج، تتّسم بمؤشراتٍ اقتصاديةٍ مستقرة تساهم في تحقيق التنمية المتوازنة والشاملة.
وتتبنى الحكومة الأهدافَ الاقتصادية العامة الآتية:
-
تحفيز النمو الاقتصادي المتوازن والشامل.
-
استقرار المستوى العام للأسعار.
-
تحسين عدالة توزيع الدخل، وتعزيز كفاءة سياسات إعادة توزيع الدخول والثروات بما يضمن الاستثمارَ الأمثلَ للموارد المتاحة.
تواجه الحكومةُ في مساعيها لتحقيق هذه الأهداف جملةً من التحديات الجسام وأهمُّها:
-
الآثار السلبية المتراكمة لبعض السياسات الاقتصادية الموروثة منذ عدة عقود، والتي عمّقت المشكلاتِ الاقتصاديةَ بشكل كبير في ضوء المستجدات الطارئة التي تعرض لها اقتصادُنا.
-
ضعف وتذبذب معدلات النمو الاقتصادي وارتفاع معدلات البطالة وتزامنه مع عدم استقرار أسعار الصرف والمستوى العام للأسعار حيث تجلتِ الأزمة الاقتصادية بشكل ملموس من خلال ارتفاع معدلات التضخم مترافقاً مع تراجعٍ في الطلب الكلي (الركود التضخمي).
-
عجزٌ كبيرٌ في الموازنة العامة للدولة وميزانِ المدفوعات.
-
محدودية الموارد المالية المتاحة للاستثمار في ظل ظروفِ الحرب الإرهابية والإجراءاتِ القسرية الأحادية الجانب.
-
التفاوت التنموي الكبير بين المحافظات والذي تعمق بسبب الحرب ومفرزاتها.
-
التحديات المتصلة بالأمن الطاقي والمائي والغذائي وأثرها على القطاعات الاقتصادية.
-
الأثر السلبي لجملة العوامل المذكورة أعلاه في بيئة الاستثمار الوطني.
تتبنى الحكومةُ لمواجهة هذه التحديات والتعامل مع مفرزاتها وفي معرض سعيها لتحقيق الأهداف، التوجهاتِ الآتيةَ:
-
الاستمرار في إعادة هيكلة سياسات الدعم الحكومي لزيادة كفاءتها وخلقِ ترابطٍ بين الدعم الاجتماعي والدعم الموجّه لأغراض الإنتاج.
-
الحفاظ على الأراضي الزراعية والحدُّ من استخدامها لأغراضٍ غير زراعية ومنع تدهورها، والتوسع في استصلاح الأراضي.
-
السعي لتكامل القطاع الزراعي مع القطاع الصناعي لتوفير احتياجاته من كافة المنتجات الزراعية التي يمكن إنتاجها محلياً.
-
تحفيز النشاط الاقتصادي في الريف من خلال تطوير برامج التنمية الزراعية عبر اتباع النهج التشاركي مع كافة الجهات والقطاعات.
-
رسم سياسةٍ صناعيةٍ تعكس مسار التحوّل المطلوب اقتصادياً، وتتسق مع باقي السياسات القطاعية، والبدء بتنفيذها بما يُفضي إلى إحداث إصلاحٍ تدريجيٍّ في الهيكل الإنتاجي للصناعة الوطنية.
-
الاستمرار في تعزيز مساهمة القطاع الخاص في النشاط الصناعي والاقتصادي وتطوير البيئة التشريعية والتنظيمية لذلك.
-
معالجة الوضع القانوني للمنشآت الصناعية العامة المدمَّرة وغيرِها، بالتوازي مع إتاحة فرص الاستثمار بين القطاعين العام والخاص لكل المطارح القابلة للاستثمار المتضررةِ أو المتوقفةِ أو الخاسرةِ، والاستفادةُ من القوانين النافذة.
-
الاستمرار بالدعم المخطط والمدروس للتصدير باعتباره مدخلاً تطويرياً للسياسة الصناعية وسياسة التجارة الخارجية وإتاحة عمليات التصدير عموماً، وتحقيق التوازن بين حرية التجارة وتقييدها حمايةً للصناعة الوطنية.
-
تشجيعُ إحداث مناطقَ اقتصاديةٍ خاصةٍ وتنمويةٍ وتطويرُ البيئة التشريعية ذاتِ الصلة.
-
تنظيم الأسواق الداخلية من خلال التدخلِ الإيجابي والرقابةِ على الأسعار والتركيزِ على السلع الأساسية ومنعِ الممارسات الاحتكارية.
-
التحفيز الاستثماري التشريعي والتنظيمي والتمويلي المستهدف والمدروس للمشروعات المتناهيةِ الصغر والصغيرة والمتوسطة الجديدة والقائمة، بما يدعم تطور هذه المشروعات، وتهيئةُ عمليةِ انتقالها تدريجياً إلى حجوم أكبرَ، وجذبُها من اقتصاد الظلّ إلى الاقتصاد المنظّم.
-
التشجيع على تأسيس حاضنات ومسرِّعات أعمالٍ نوعيةٍ. وكذلك تشجيعُ المبدعين والمبتكرين وحمايةُ حقوقهم وتحفيزُهم وربطُ إبداعهم بالاستثمار والإنتاج والتسويق.
-
العمل على تحسين كفاءة الإنفاق العام واستخدامات الموارد العامة، وتطوير عملية إعداد الموازنة العامة وتعزيز الإنفاق الاستثماري والتركيز على الإنجاز المادي.
-
تعزيز وتنويع مصادر الإيرادات العامة غيرِ الضريبية لتلبية احتياجات تمويل الأنشطة الإنتاجية والخدمية.
-
الإصلاح الضريبي من خلال تطوير التشريعات الضريبية وتحديث الإجراءات والقرارات التنظيمية وتعزيز التحول الرقمي في العمل الضريبي.
-
إدارة الدين العام بكفاءةٍ وتطويرُ أدواته.
-
السعي لتحقيق استقرار النظام النقدي والمصرفي وتطوير القطاع المالي، بما يحقق الاستقرارَ النسبيَّ لسعر الصرف والمستوى العامِّ للأسعار، من خلال تطوير الإجراءات التنفيذية لدعم النمو الاقتصادي وزيادة التشغيل والحد من التضخم، وذلك بتطوير عمليات تمويل المشاريع الإنتاجية، ومتابعة إجراءات ترشيد حجم الإصدار النقدي، وإدارة إصدار سندات وأذونات الخزينة، والتعامل بمرونة وكفاءة مع تغيرات سوق القطع الأجنبي، وزيادة نطاق وفعالية استخدام وسائل الدفع الإلكتروني.
-
الترويجُ للقطاع السياحي من خلال المشاركة في المعارض السياحية الدولية، وتنظيمُ فعاليات سياحية وترويجية في الأسواق السياحية المستهدفة، وتحسينُ مستوى الخدمات المرتبطة بتفعيل النشاط السياحي بكافة مستوياته.
-
العمل على إحداث مزيد من الحاضنات التراثية وأسواق المهن اليدوية ومحتَرَفات التدريب على المهن التراثية خاصة المهددةِ بالاندثار.
في مجال التنمية البشرية والإدارية
تلتزم الحكومة بتحقيق التنمية البشرية المستدامة من خلال بناء جيلٍ مُعافىً مُتعلمٍ مُثقفٍ متمسكٍ بهويته وقيمه، وزيادةِ كفاءة جودة الأنظمة التعليمية والصحية والاجتماعية والقضائية، والارتقاءِ بسوق العمل، وتحقيق التميز المؤسسي، وتعزيز النزاهة والشفافية.
وضمن هذه الرؤية، ستعمل الحكومة على تبنّي الأهداف الاستراتيجيةِ الآتيةِ:
-
تعزيز الهوية الوطنية والانتماءِ والقيمِ الاجتماعية المشتركة.
-
تعزيز النظم التعليمية لرفع مستوى المعيشة والدخل من خلال الربط بين التعليم وسوقِ العمل.
-
تحقيق نظامٍ صحيٍّ متكاملٍ يضمن نوعية حياةٍ أفضلَ لكل فردٍ ويرفع مستوى صحةِ المجتمع ويحسِّن المؤشراتِ الصحية للسكان.
-
إعادة بناء نظم فعالة للرعاية الصحية ولشبكات الحماية الاجتماعية لتحسين دورها في التأثير على المؤشرات الاقتصادية.
-
الاستمرار في حوكمة المؤسسات التي تؤدي إلى تعزيز النزاهة والعدالة، وبناء رأس المال البشري.
تواجهُ مساعي الحكومةِ لتعزيز مؤشرات التنمية البشرية عدداً من التحديات نوجزها بالآتي:
-
تواتر الأزمات الخارجية الصحية والطبيعية والأمنية على المستويين: الدولي والإقليمي والتي تفرض ضغوطاً شديدة على قطاع التنمية البشرية وتستنزف إمكاناتِه.
-
ارتفاع معدلات المراضة والضغوط على الخدمات الصحية.
-
تسرّب الموارد البشرية المؤهلة.
-
التسرب المدرسي ونسبُ الالتحاق المنخفضةُ بالتعليم الأساسي.
-
تراجع منظومة المرافق الثقافية.
-
تراجع مؤشرات التنمية البشرية وارتفاع معدلات الجريمة والعنف.
-
تدنّي مؤشرات الأمن الغذائي.
لتحقيق الأهداف المتبناة ومواجهةِ التحديات تتبنى الحكومةُ التوجهاتِ الآتيةَ:
-
تعزيز قيم الهوية والانتماء من خلال التركيز على شريحة الأطفال واليافعين في كل الخطط والبرامج، وتعزيزُ دور الأسرة والمدرسة بمناهجها وأساليبها التربوية والتعليمية، والدفعُ بالعمل الثقافي ضد الأفكار الهدامة المخرِّبة للقيم والنسيجِ الوطني، وتشجيعُ المجتمع الأهلي على تأسيس الملتقيات والروابط الثقافية، وتفعيلُ دور وسائل الإعلام في تكريس القيم الاجتماعية.
-
إعادة تقييم واقع التعليم الجامعي وما قبلَ الجامعي بهدف رفع مستوى منظومة التعليم، من خلال الحدِّ من ظاهرة التسرب المدرسي، ومراجعةُ سياسات القبول الجامعي مع تطويرها للربط بين الحاجات التنموية والاختصاصات العلمية، ووضعُ الخارطة التعليمية للمؤسسات التعليمية الحكومية والخاصة بناءً عليها، وتفعيلُ دور المدارس التقنية وزيادةُ أعدادها، وتطويرُ المناهج الوطنية بهدف الربطِ بين مخرجات التعليم وسوق العمل.
-
تعزيز الصحة العامة للسكان من خلال تحقيقِ العدالة في توزيع الخدمات الصحية وتوفيرِ الدواء الآمن والفعال وتحسينِ المؤشرات الصحية، بالتوازي مع تعزيز منظومة شبكات الحماية الاجتماعية بمفرداتها الثلاث (العملُ اللائق – شبكاتُ الأمان الاجتماعي – الخدماتُ الاجتماعية).
-
تكوين مهارات الموارد البشرية، وتحديد نقاطِ الضعف فيها وسبلِ ترميمها لمواجهة متطلبات العمل في القطاع العام في مستويات الإدارة المختلفة.
-
حمايةُ نزاهة مِرفق العدالة، وتطويرُ وزيادة فعاليةِ وكفاءةِ الخدمات القضائية في إطار من الشفافية والمساءلة، ورفعُ مستوى الأداء المؤسسي للعدليات.
-
متابعة الجهود لإطفاء نيران الفكرِ التكفيريِّ المتطرفِ، واستكمال المواجهةِ الجسورةِ والجريئةِ والجادةِ لكل منطلقاتِ الفكر المتطرف وأبجدياتِه وأدبياتِه واستدلالاته المغلوطةِ ومغالطاتِه في فهم الشريعة وعدوانِه على الشرع الشريف ومقاصدِه وذلك على أرض الواقع في كافة المنابر والمؤسسات التعليمية الدينية.
وعلى صعيد التنمية الإدارية:
تولي الحكومة موضوع التنمية الإدارية في البلد كلَّ اهتمامٍ وعناية، بما في ذلك ما يتعلق بمشروع الإصلاح الإداري انطلاقاً من الحرص على بناء هياكلَ مؤسسيَّةٍ وإداريةٍ تنظيميةٍ مبنيةٍ على أسسٍ علميةٍ وعصريةٍ من الإدارة العامة وإدارة الموارد البشرية. وحرصاً على تحصين المكتسبات التي تم تحقيقها على هذا الصعيد، ستتولى الحكومة أيضاً مراجعةَ قرارات وإجراءات مشروع الإصلاح الإداري لتكريس الإيجابيات التي تحققت على صعيد عدالة شَغل الوظيفة العامة ولا سيما في مراكز عمل القيادات الإدارية، مع الحرص كذلك على تفادي أي سلبياتٍ أضرَّت بفاعلية كفاءة إدارة الموارد البشرية سواء أكان ذلك بسبب النصوص القانونية التي تم إقرارُها أم بسبب سوء التطبيق والتنفيذ، وصولاً إلى توفير بيئة عمل جاذبةٍ للكفاءات الوطنية وحاضنةٍ لها وراعيةٍ لإبداعها وعطائها باعتبارها من أهم مصادر الثروة الوطنية.
في مجال البنى التحتية والموارد والطاقة والخدمات
تلتزم الحكومة ببناء قطاع مواردَ وطاقةٍ يعمل وفق أسسٍ ومعاييرَ فنيةٍ واقتصاديةٍ متطورةٍ تراعي اعتباراتِ الكفاءةِ والعدالةِ وجودةِ الخدمة، للوصول إلى قطاع بنىً تحتيةٍ ومواردَ وطاقةٍ متكاملٍ ومتوازنٍ وكفؤٍ ومستدامِ.
وضمنَ هذه الرؤية، ستعمل الحكومة على تحقيق الأهداف الاستراتيجية الآتية:
-
تعزيز منظومة إدارة موارد الطاقة بما يضمن التخصيص الأمثلَ للكميات المتوفرة على القطاعات الأكثرَ أولوية ريثما يستقر سوقُ الطاقة في بلدنا.
-
تحقيق الأمنِ الطاقي والمائي والبيئي المستدامِ.
-
بناء مجتمعاتٍ عمرانيةٍ متكاملةٍ ومستدامةٍ آمنةٍ ومجابهةٍ للتغيرات الُمناخية، ومراعيةٍ لمعاييرِ التخطيط العمراني وتطويرِ قطاع الإسكان.
-
إعادة بناءِ وتهيئةِ البنى التحتية بما يكفُل جودةَ الخدمات المقدمة، وتعزيزُ الوصول العادل إليها وتعزيزُ استدامتها وحماية البيئة والوقاية من الكوارث.
من المتوقع أن تواجَه جهودُ الحكومة في مسعاها لتحقيق هذه الأهداف بتحدياتٍ كثيرةٍ، أهمها:
-
محدوديةُ الموارد والإمكانات المادية وهجرة الكفاءات، في ظل تنامي الطلب على خدمات الطاقة والبنى التحتية وتزامنِه مع ظروف الحرب الإرهابية والحصار.
-
الدمار الواسع في مرافق البنى التحتية، وأثرُ الإجراءاتِ القسرية الأحاديةِ الجانب على توفير مستلزمات البناء وإعادةِ التأهيل.
-
الكوارثُ الطبيعية والتغيرات المناخية، واستنزافُ وسرقة بعض الموارد الطبيعية في المنطقتين: الشمالية والشرقية وخاصةً النفط والغاز.
ولتحقيق الأهداف ومواجهة التحديات تعمل الحكومةُ على الآتي:
-
إدارة واستثمار الموارد المتاحة بكفاءةٍ بما يضمن جودةَ تقديم الخدمات، وتعزيزُ الوصول العادل إليها واستدامتِها.
-
تعزيز الانتقال المنظم والمتوازن إلى اللامركزية الإدارية لقطاع البنى التحتية والموارد والطاقة والخدمات عبر تعزيز أداء الوحدات المحلية.
-
تعزيز النهج التشاركي مع المجتمعات المحلية والقطاع الخاص وتحسين إدارة واستثمار الموارد والمرافق والمواقع المتاحِ استثمارُها بما يكفُل تعزيزَ موارد الخزينة العامة والحفاظَ على ملكية الدولة.
-
متابعة تنفيذ البرامج الحكومية بقطاع السكن الاجتماعي المخصص لذوي الدخل المحدود بما يلبي الاحتياجَ، وتعزيزُ دور قطاع التعاون السكني ليكون شريكاً فاعلاً في تنفيذ الخطط الحكومية الإسكانية.
-
الاستمرارُ بتنفيذ الاستراتيجية الوطنية للتحول الرقمي، وتطويرُ بنيةٍ تحتيةٍ آمنةٍ تساهم في تحسين كفاءةِ العمليات والتواصلِ وتوفيرِ خدمات رقمية ذات جودة عالية وبكلفة أقل.
-
زيادة نسبة مساهمة الطاقات المتجددة في مصادر الطاقة.
-
تشجيع القطاع الخاص على المشاركة في استثمارات قطاع الخدمات والبنى التحتية والموارد والطاقة.
-
تشجيع الصناعات التي تسهم في ترشيدِ استهلاك الموارد والطاقة وتحقيقِ استدامتها.
-
تنميةُ المتاح المائي لتلبية الطلب المتنامي على المياه، والاستفادةُ من المصادر غير التقليدية للمياه، وإعادةُ استخدامها، والعملُ على تعافي حوامل المياه الجوفية تدريجياً.
-
تعزيز التعاون الدولي في عملية الحصول على الحقوق العادلة والمنصفة من الموارد الطبيعية المشتركة مع دول الجوار.
السيد رئيس مجلس الشعب
السيدات والسادة أعضاء المجلس
لا تكمن الكفاءة الحقيقة للبيان الحكومي في صياغته واستعراضه فحسب، بل في سرعةِ تطبيق ما ينطوي عليه من تطوير. فالظروفُ الحساسةُ التي يمر بها بلدُنا الحبيبُ، تستوجب الانتقالَ السريعَ، غيرَ المتسرِّع، إلى الأهداف المنشودة كما ذكرت أعلاه، لأن الزمنَ غالٍ وثمينٌ، وموردٌ نادرٌ يتآكل كلَّ يوم وكلَّ ساعة وكلَّ لحظة، وعلينا كسبُ رهانِ إدارته معاً.
صعوبةُ الظروف لا ترهبُنا، واشتدادُ الضغوطِ لا يثني همَّتَنا، فقد نلنا ثقةَ قائد الوطن، ونلتم ثقتَه وثقةَ الناخبينَ الشرفاءِ، لكي نتولى هذه المهمةَ، ومن يستندُ إلى ثقة ودعم قائد الوطن وتطلعاتِ المواطنينَ لا يبقى أمامَه ما يحول دون نجاحه في أداء مهامِّه.
وتقبلوا، ختاماً، أطيبَ المنى بالتوفيق والنجاح لمجلسِكم الكريمِ في متابعة أعمال دورتِكم الحاليةِ