مسيرة عمل ووفاء لوطنٍ أحببته درست في مدارسه وجامعاته وعملت فيه في مواقع متعددة مع زملاء لن أنساهم كنا يداً واحدة وعملنا بكل تفانٍ وإخلاص. بعد أن قاربت هذه الايام الثانية والثمانين من العمر ، وددت ان أسترجع مسيرة زمن طويل قضيته في الخدمة العامة في وطني الحبيب سوريا، الذي أفتخر بالانتماء إليه. سوريا مهد الحضارات وموطن الرسالات، قدّمت لنا الكثير، ولها في أعناقنا دين لا ينتهي . ولدت في بلدة المشتاية ولي فيها احلى الذكريات مع أسرتي وأصدقاء الطفولة والدراسة فيها وفي حمص في الثانوية وفي حلب في جامعتها التي تخرجت منها عام 1966م وكذلك مع زملاء العمل الطويل في القطاع العام لمدة 43 عاماً،ففي مؤسسة الاتصالات بدمشق عملت منذ التخرج وحتى عام 2000م ،وفيها تدرجت في عملي من مهندس متدرب في مديرية الشبكات الهاتفية إلى رئيس دائرة فمدير للتخطيط ومعاون مدير عام ومن ثم مديراً عاماً، وفي وزارة النقل حتى عام 2006م ،وفي السفارة السورية في إسبانيا سفيراً مقيماً وفي الفاتيكان غير مقيم حتى عام 2009م ،حيث بلغت سن التقاعد في حينه (65 )عاماً. وطوال تلك الخدمة وبعدها لم أكن ولن أكون ابداً الّا سورياً بعيداً عن الطائفية وكل أنواع العصبيات وهذا ما يشهد عليه كل مع عملت معهم من زملاء أعزاء خلال تلك المسيرة الطويلة وهذا مصدر اعتزازي في حياتي وفي عملي وكذلك ما استطعنا تحقيقه مع كل زملاء العمل من نجاحات وانجازات ترجمتها الأرقام والبيانات والنتائج الموثقة في الوثائق الرسمية فشبكة الاتصالات الحديثة غطت كل الريف والمدن فكان كل ما يتوفر في سوريا ريفاً ومدناً عام 1980م ما مجموعه 180 ألف رقم هاتفي آلي و60 ألف رقم يدوي ،وشبكة اتصالات بين المدن ودولية محدودة جداً تقنياً وسعةً ، لتصل عام 2000 إلى حوالي 3 مليون رقم هاتفي آلي تغطي سوريا مدناً وريفاً مع شبكة كبلات بصرية واتصالات ميكروية رقمية وثلاث مقاسم دولية وثلاث محطات اتصالات فضائية وصناعة مقاسم آلية بشراكة مع سامسونغ الكورية الجنوبية بسعات صغيرة للريف وغيرها الكثير ، وتم وضع خطة طموحة لعشرين سنة قادمة . وفي وزارة النقل في قطاعات النقل البري تم تحديث وأتمتة مديريات النقل في المحافظات وإشادة عدة أبنية وتجهيزها ،وتأمين باصات جديدة للنقل الداخلي واستكمال شبكة الطرق وتحسينها وكذلك النقل بالسكك الحديدية من حيث المباشرة بمقاطع للوصل الدولي وقطارات الركاب وشبكة التحكم ،وفي الجوي تطوير مطار دمشق وحلب واللاذقية بالتسهيلات الملاحية وإنارة المدرجات وتطويلها وتطوير صالات الركاب وكذلك مطاري القامشلي ودير الزور من حيث صالات الركاب والمهابط لاستقبال رحلات دولية وكذلك اشادة أبنية لمؤسسة الطيران المدني ومؤسسة الطيران السورية ،وفي النقل البحري تم تطوير الأرصفة وآليات استقبال البضائع الحاويات وصالات الركاب ، وتم وضع خطة طموحة لعشرين سنة قادمة ، ويمكن الرجوع إلى تفصيلات أكثر بكثير في وثائق واحصائيات تلك الجهات وجهاز الإحصاء المركزي والمنظمات العربية والعالمية التي قطاعاتنا المختلفة هي أعضاء فيها مثل الاتحاد الدولي للاتصالات ومنظمة الطيران الدولية والمنظمات الدولية البحرية ،وفي عملي في السفارة كان التوجه الرئيسي لتمتين العلاقات مع الدولة الإسبانية وحاضرة الفاتيكان والاهتمام بشؤون الجالية السورية في اسبانيا والسعي لتأمين متطلباتهم وتواصلهم مع الوطن وجمع شملهم فكل واحد منهم كان أخاً عزيزاً وشعر ان السفارة وبيت السفير بيت الجميع ، واكرر هنا ان العمل الجماعي ومشاركة زملاء العمل في كل المجالات هو الذي أدى إلى ما تم تحقيقه . بعد التقاعد عام 2009، واجهت بعض التحديات الصحية التي فرضت عليّ التنقل بين امريكا والوطن كلما سمحت الظروف بذلك، لكن القلب بقي معلقًا بسوريا، التي أرجو لها، كما يرجو كل مخلص أن تبقى موحدة، حرة، يشارك في بنائها جميع أبنائها دون تمييز وان تؤمن لهم الأمن والأمان والعدالة والمساواة والطمأنينة والعيش الكريم . أسأل الله أن يمدّ في أعماركم بالصحة، وأن يوفق أبناء الوطن لما فيه خير سوريا وكرامة شعبها.