سيريانديز ـ نجوى صليبه
يشبّه الشّاعر محمد قاقا تأخّره بإصدار مجموعته الشّعرية الأولى "فتنة" بعمر الزّواج، يوضّح: "كلّما كبر الإنسان، تقل عشوائيته ويبحث على الأفضل الذي يلبّي الحاجة العقلية أكثر من الجسدية، أي قدّمت مجموعتي هذه عندما شعرت بأنّ هذا هو الشّعر الذي يستطيع المنافسة"، مضيفاً: "لاشيء يحدّ الطّموح، ولا يقف العمر بوجهه، ربّما لو بدأت منذ عشرين عاماً لكنت في مكان آخر ثقافياً ومعرفياً وشعريّاً".
ويتناول في مجموعته مواضيع مختلفة، ومن ضمنها المقاربات الصّوفية، وبالسّؤال عن صعوبتها أو سلاستها، وعمّا إذا كان يخاف أن تتسبب هذه المقاربة بهجوم البعض عليه، يجيب: "لا أخاف الهجوم من أحد... في شعري تنوّع كبير، وعلى الرّغم من نزعة الحزن التي فيه كتبت في البلد والحبّ والموت والرّثاء، وحتّى بعض القصائد التي تحمل النّزعة الصّوفية، فأنا أكتب ما أراه وأعيشه لا ما أتبنّاه".
لكن هل من الخطأ أن يكتب الشّاعر ما يتبنّاه؟، يجيب قاقا: "قد يكون مخطئاً في ما يتبنّى، وقد يذهب ظرف التّبنّي بتغيّر الحال، لكن من يكتب الواقع يلامس حال النّاس ويكون قريباً منهم، ولا يُسمّى الشّعر شعراً إن لم يلامس أحاسيسنا وقلوبنا... كثير ممن يقرأ أو يسمع شعري يقول لي: "إنّك لمست شيئاً فينا لا نعلم ما هو.. لقد أدمعت قلبي ووصفت ما أمرّ فيه".
"ميراث ثقيل" و"ثأري لست أنساه" قصيدتان، للوهلة الأولى يتهيّأ للقارئ وجود تناقض كبير بينهما لكن قراءة ثانية تكشف قواسم مشتركة بينهما، فهل تاه محمد قاقا بين الثّأر والميراث؟ يجيب: "التّناقض بين القصيدتين موجود لأنّ كلّ واحدة منهما في اتّجاه، "الميراث" يحكي قصّة الشام وأبنائها، أمّا قصيدة "عتبة الأربعين وثأري الباقي" فتحكي قصّتي بعد بلوغي الأربعين والشّيب والضّعف وأمور الحياة".
يكاد يكون الحزن القاسم المشترك بين معظم القصائد، لأنّ الفترة التي كتب فيها الشّاعر لم تكن مناسبة أو مشجعة على إطلاق عنان الفرح، يقول: "في تلك الفترة، لم يكن هناك ما يدعو إلى الفرح، ولم يكن أحد قادر على اختراع الفرح أو اختلاقه، ولم يكن هناك مجال للهروب إليه، فكلّما تخلّصنا من همّ جاءنا همّ أكبر".
وعلى خلاف كثير من أبناء جيله، لم يدر قاقا ظهره للقصيدة العمودية أو يخشى كتابتها، يقول: "أظنّ أنّ ظاهرة الاستسهال تؤثّر جدّاً في هذه الحالة، وربّما الرّغبة في الوصول من غير تعب مناسب للمكانة التي ربّما يصلها، كتابة العمودي تقيّد الشّباب بالوزن، وتعلّم الوزن يحتاج إلى فراسة وقوّة بديهة وسليقة، وهذا ما يجعلهم يبتعدون عنه".
ينظم محمد قاقا الشّعر منذ سبع سنوات، ومؤخّراً، كرّمه اتّحاد الكتّاب العرب ممثّلاً برئيس السّابق محمد طه العثمان ضمن فعاليات" ملتقى الكتاب السوريين" الذي أقيم في المكتبة الوطنية، يقول: "كان التّكريم بمنزلة فخر ونقطة انطلاق في حياة جديدة وآفاق جديدة قد تفتح مستقبلاً".