سيريانديز/ تقرير
مع التوجه الحكومي الرسمي لإعادة شركات أجنبية للاستثمار في قطاع الطاقة السوري، تترقب حقول الغاز في سوريا مرحلة جديدة من التعافي التدريجي، في إطار الخطط التي تستهدف رفع الإنتاج وتحسين البنية التحتية التي تضررت بشدة قبل التحرير.
"إينا" الكرواتية على خريطة الطاقة السورية
وفي هذا السياق وبحسب مصادر وزارة الطاقة فإن الرئيس التنفيذي للشركة السورية للبترول (SPC) المهندس يوسف قبلاوي، التقى مع وفد من شركة "إينا" الكرواتية، تمهيدًا لتوقيع عقد يهدف إلى تطوير معمل حيان للغاز والاستثمار في الحقول المحيطة بالمنطقة.
وتعدّ الشركة الكرواتية واحدة من الشركات الأوروبية العاملة في مجال النفط والغاز، وكان لها نشاط في سوريا قبل الحرب، وكانت من أبرز المستثمرين الأجانب في قطاع الغاز السوري، وتوقفت أعمالها مع تصاعد وتيرة الحرب، قبل أن تعود اليوم ضمن مسار إعادة الانفتاح على الشركات الدولية.
وأشار مصدر في وزارة الطاقة لـ"سيريانديز"، أن الاتفاق المرتقب مع شركة "إينا" يأتي في إطار خطة أوسع لإعادة تأهيل وتطوير معامل وحقول الغاز في سوريا، بما يسهم في دعم الإنتاج المحلي، وتقليص الفجوة بين العرض والطلب في السوق السورية، التي تعاني نقصًا حادًا في إمدادات الطاقة.
معمل حيان للغاز .. شراكة مع "اينا"
ولعل أبرز مشاريع التعاون التي كانت قائمة مع شركة اينا الكرواتية مع سوريا، كان انشاء معمل "حيان" ضمن إطار شراكة بين المؤسسة والشركة الكرواتية، حيث شملت أعمال الشركة، تطوير الحقول المحيطة، وإنشاء مرافق المعالجة، إضافة إلى وحدات استرجاع الغاز المنزلي والبنية التحتية اللازمة للتخزين والنقل، ما وضع المعمل ضمن مصافّ المشروعات المتقدمة تقنيًا في قطاع الطاقة السوري.
ويُعدّ معمل حيان للغاز أحد أبرز منشآت معالجة الغاز الطبيعي في سوريا، ومن أهم الأصول الإستراتيجية التي شكّلت لسنوات طويلة ركيزة أساسية لإمدادات الغاز المخصصة لتوليد الكهرباء وتلبية الطلب المحلي على الطاقة، قبل أن يتعرض لأضرار جسيمة خلال سنوات الحرب.
وقبل الحرب، كان معمل حيان للغاز يُعدّ من أحدث معامل الغاز في سوريا، إذ دخل الخدمة بطاقة تصميمية تراوحت بين 3 و3.7 مليون متر مكعب من الغاز الطبيعي يوميًا، إلى جانب إنتاج مكثفات غازية تُقدّر بنحو 5 آلاف برميل يوميًا، فضلًا عن إنتاج غاز النفط المسال الذي كان يلبّي جزءًا من احتياجات السوق المحلية.
مع تصاعد وتيرة الحرب في سوريا، تعرَّض معمل حيان للغاز لسلسلة من الاعتداءات والتخريب، أبرزها خلال الأعوام 2014–2017، حين خرج عن الخدمة عدّة مرّات، وتعرّضت وحداته للتفجير والتدمير الجزئي، ما أدى إلى توقُّف الإنتاج بشكل شبه كامل.
خطط واعدة في مجال الطاقة
وجاء إعلان خطط عودة شركة "إينا" الكرواتية لحقول الغاز في سوريا بعد أيام من توقيع 4 اتفاقيات مع شركات سعودية لدعم قطاع النفط والغاز في البلاد.
وكشف المدير التنفيذي للشركة السورية للبترول يوسف قبلاوي في تصريح له ، أن العقود الموقّعة مع الشركات السعودية عبارة عن عقود خدمات ستُحدِث أثرًا ملموسًا في زيادة إنتاج الغاز، وتوفير نحو 2500 فرصة عمل جديدة للمهندسين والفنّيين والعمّال.
وأشار قبلاوي إلى أن التوقيع النهائي على بعض هذه العقود سيكون خلال شهر، ما يمهّد لدخول المشروعات مرحلة التنفيذ الفعلي، ضمن خطة تستهدف تحديث البنية التحتية ورفع كفاءة الحقول والمعامل.
وأكد قبلاوي أن هذه العقود مدفوعة الأجر، وليست اتفاقيات تقاسُم إنتاج، متوقعًا زيادة إنتاج الغاز بنسبة 25% بحلول حزيران 2026، لترتفع النسبة إلى 50% مع نهاية العام نفسه.
شراكات في مجال الطاقة
وفي السياق، كشف مصدر في الشركة السورية للبترول أن الشركة عقدت اجتماعات مؤخرًا مع شركات عربية متخصصة، من بينها "دانة غاز" الإماراتية، لبحث آفاق التعاون في تطوير حقول الغاز في سوريا والمنشآت السطحية، إضافة إلى اجتماع مع شركة "تيتكو" المتخصصة في صناعة وصيانة خزانات المشتقات النفطية.
وتعكس التحركات توجهًا رسميًا لإعادة دمج سوريا تدريجيًا في سوق الطاقة الإقليمية، مستندة إلى مواردها الغازية، والشراكات العربية والدولية، في محاولة لإعادة بناء أحد أكثر القطاعات تضررًا خلال الحرب.