كتب : أيمن قحف
تخيل ان شخصاً ما يأتي ويدّعي انه يملك ساحة الأمويين او القصر العدلي مثلاً، أو في اضعف الاحوال المبنى الذي تسكن فيه أنت وعشرات الأسر، وأن يكتب اقراراً خطياً بأنه يملك هذا المبنى دون وثائق حقيقية وان يتبع الاقرار الخطي بأن فلاناً له في ذمته المبلغ الفلاني وهو يضع تلك الممتلكات ضمانة للتسديد.
ثم تخيل أن فلاناً يذهب الى القضاء ويطالب بموجب هذه الوثيقة بدينه لدى الشخص الاول، ثم تابع التخيل بأن المحكمة، ونتيجة الاقرار الخطي تحجز على ساحة الأمويين او بنايتك لتبيعها بالمزاد العلني لتسديد دين المدعي على المدعى عليه؟!! بموجب دعوى مستعجلة وتقصير مهل ومواعيد.
ويمكن ان يكون الامر "شيكاً" لامر فلان -غير مجير اصولاً- ويحصله هذا الشخص من البنك بالاسلوب نفسه.
تبدو القصة سريالية ومضحكة للغاية اليس كذلك؟
لننتقل من التخيل الى الواقع، اذ يحصل في مرافئنا السورية أن شخصاً ما (يرد اسمه على البوليصة بهدف "الاعلام") يدعي انه يملك تلك البضاعة على السفينة الفلانية، ويقرّ ان شخصاً آخر مديناً له بمبلغ كذا او بالبضاعة نفسها، يذهب هذا الشخص صاحب الدين الى القضاء المستعجل ويحصل على حكم لصالحه بحجز البضاعة وتسليمها له -اي تسليم "اصل الحق"، ويضطر الوكيل البحري الى تنفيذ الحكم القضائي المخالف للقوانين والانظمة والاعراف المرفئية والتجارية.
من المعروف ان بوليصة الشحن الاصلية هي الوثيقة الوحيدة التي تثبت ملكية البضاعة وهي تشبه الشيك ويحدد عليها اسم الشخص او "للامر" وتجير ولايجوز تسليمها إلا له أو لمن يوكله رسمياً، وهذه البوليصة هي سند الملكية ولا تسلم البضاعة الا بإبرازها مجيرة اصولاً من المصرف.
إن الحكم القضائي الذي يصدر حالياً عن القضاء المستعجل يتم دون دعوة اصحاب البضاعة او الشاحن لحضور الجلسة لبيان أن القيمة سددت أم لا، والاغرب انه يتم تسليم البضاعة (اصل الحق) ولا يكتفى بحجزها، إن ما يحصل الآن من تلاعب على القوانين يصل الى حد انتهاك حق الملكية -المحمي بموجب الدستور والقوانين النافذة-، ولو تكررت الحكاية سيفقد الجميع الثقة بأن بضائعهم ستصل الى اصحابها وسيصل ثمنها اليهم كالمعتاد.
نأمل من وزارة العدل وبقية الاجهزة الرقابية والقضائية التدقيق في هذا الامر، لأنه لو تكرر ستكون له نتائج كارثية على سمعة المرافئ والمحاكم السورية، واذا كان هناك تطبيق خاطئ للقانون فلا بد من تصويبه.