من القصص المعبرة في «كلاسيكيات الادارة» كما يرويها أحد كبار الاختصاصيين انه مر امام مشروع بناء لم تتضح ملامحه بعد وشاهد العديد من العاملين في الموقع.. تقدم وسأل أحدهم ماذا تعمل هنا؟ فأجابه: أجني رزق يومي لآكل أنا وأولادي، وسأل الثاني السؤال نفسه فأجابه: أنا أحسن نحّات في المدينة، أما الثالث فأجاب: إننا نبني كاتدرائية.
ويحلل عالم الادارة الاجابات فيقول، ان الاول لايعنيه من الامر شيئاً سوى مايؤمن معيشته وهو بسيط جداً في تفكيره، والثاني لايعنيه من العمل سوى ذاته وابراز شخصيته في هذا المشروع بما في ذلك من انانية وحب الظهور ولو على حساب العمل وجهد الآخرين، أما الثالث فهو الافضل لانه يعرف ماذا يعني العمل كفريق، ويدرك ان أي جهد يبذله مع الجماعة سيخرج في النهاية بعمل متكامل يستفيد منه الجميع.
في مؤسساتنا العامة والخاصة لم نستطع حتى الان الخروج من عقلية الرجلين الاول والثاني الغالبية يعنيهم من العمل الراتب الذي سيتقاضونه في نهاية الشهر والبقية يعملون على الظهور وتحقيق النجومية على حساب الجميع والعمل.
أما من يعملون بروح الفريق ويدركون ان أي نجاح للفريق هو نجاح لهم والعكس صحيح، ويدركون ان أي مساهمة يقدمونها مهما كانت صغيرة هي بمثابة «الحصى التي تسند جداراً» فهم مازالوا قلة قليلة وعندما يزداد هؤلاء في مؤسساتنا يمكن ان نقول اننا خطونا خطوات حقيقية باتجاه الاصلاح الاداري.
في واقعنا الحالي تختلط الامور فيتم تجميد البطولات الفردية -حتى لوكانت مجرد مظاهر غير منتجة- فيجنح الناس نحو الفردية في الاداء، ولو تمت المحاسبة والتقييم للفريق ككل لأدرك الناس اهمية العمل كفريق.
ثمة من يعطي مظهراً انه يعمل- ويتصبب عرقاً- وهو في الحقيقة لاينتج، وثمة من يعمل بصمت والجميع ينعم بما ينجزه.
وشتان مابين ان تكون لدينا «مظاهر عمل» وان يكون لدينا عمل مظاهر.. زراعة ولايوجد انتاج زراعي، مظاهر تطور سياحي ولاتوجد لدينا سياحة، مظاهر تطور صناعي ولاتوجد لدينا صناعة.
لماذا: الكل يسعى للنجومية؟؟